حمدي رزق يكتب: حدث فى دار الأوبرا!!
صدفة أن تكون سطورى هذه فى استقبال الدكتور «خالد داغر»، الرئيس الجديد لدار الأوبرا المصرية، ومستوجب التهنئة أولًا وقبل أول حرف، وتمنيات بالتوفيق والسداد، وأن تعود الأوبرا المصرية إلى حالة الألق التى كانت عليها قبلا..
وبعد، ذهبت عاشقة الأوبرا إلى الدار العريقة وعادت حزينة، تتمتم بكلمات غريبة، ليست هذه الأوبرا التى عشقت حفلاتها، الأوبرا ليست اسما على ما يسمى، فقدت المعنى بفقدانها «الكود الأوبرالى»، وترجمته التقاليد الأوبرالية التى هى أقرب إلى صلاة فى محراب الفن الراقى.
للأسف، وشديد الندم، دهستها العشوائية الضاربة فى الحالة المصرية، مسخت ملامحها، أطاحت بقدمها الثقيلة وجوه الجمال والرقى فى طريقها لتجريف كل جميل، والقلب يعشق كل جميل.
وجه الأوبرا الذى هو جميل.. شاه وتشوه وسقطت الأوبرا من عليائها (تحت إدارات من الموظفين غير احترافية) فى مستنقع الفوضى، الفوضى اقتحمت الأوبرا، ولم تتوفر لها المظلة الحامية، الكود الأوبرالى الذى قبل اشتراطات اللباس الأنيق.. يحدد السلوك الشيك.
تحكى شهرزاد ما يحزن القلب، كانت حفلة لأمير الغناء العربى الفنان الكبير «هانى شاكر» فى موعد مضروب، فى تمام الثامنة مساء الخميس الماضى، عرفا عادة ما تضبط ساعتك على ساعة الأوبرا أو هكذا يعتقد عشاق الأوبرا الذين يقدسون طقوسها، ومغرمون بفنونها، ورقيها، يقال عنهم «عشاق الأوبرا»، وعشقه، أحبه وأولع به بشدة.. فصار يخشى عليه من الهوا الطاير، ونحن نخشى على الأوبرا من هبوب العشوائية تلفح الوجوه.
تخيل من الخيال المحلق ظهر الفنان الجميل «هانى شاكر» على المسرح بعد العاشرة، تخيل بعد ساعتين من الملل والضجر والزهق استولى على من حجزوا تذاكرهم قبلا، واحتلوا مقاعدهم قبلا، وتجهزوا وتحضروا قبلا، وتعجلوا عقارب الساعة حتى تمام الثامنة، فعلقوا فى مقاعدهم ١٢٠ دقيقة فى انتظار ظهور القمر فى الليلة الظلماء.
لن أحدثكم عن كيف تم شغل الوقت الخالى قبل ظهور أمير الغناء وسلطانه، الأوبرا تجرب فى عشاقها أصواتا شابة، بأغانٍ شبابية، بطقوس شابة، وهذا جيد، الأوبرا من وظائفها الوطنية تقديم المواهب على مسارحها الراقية، ولكن فى عروض شبابية، ليست تجريبية فى من تكلف (الكثير) ليسمع هانى شاكر فحسب، هكذا الإدارة غير الاحترافية تطيح تعاقدها الشفاهى والمكتوب مع عشاقها على طريقة تحميل السلع التموينية!!.
ولا يحدثك عما جرى سوى الحضور، سمحت إدارة الأوبرا بكل ما هو ممنوع فى دور الأوبرا العالمية، سمحت بالدخول والخروج أثناء العرض، وكأنك فى سينما «الفنتازيو» فى ميدان الجيزة بكل صخبه، وعشوائيته وسمحت بأصوات الهواتف النقالة تصخب دون تشديد على صمت أو إغلاق، تصدر عنها أغانٍ غير أوبرالية تشوش على أصوات المسرح، ومعلوماتى محراب الأوبرا يغشاه صمت الكنائس العتيقة، تشعر صدى الصوت لا تسمعه، سكون وليد احترام لتقاليد موروثة.
لن أحدثك عن عاصفة العشوائية فى استقبال أمير الغناء، والنداء عاليا باسمه، بطلب أغنية بعينها تفرض على الجمهور قسرا من الصالة، والهتاف عاليا سمعنا أغنية.
والأمير مغتبط بحماسة الجمهور، حقه وجمهوره ومحبوه، لكنها على هذا النحو ليست حفلة فى أوبرا، ولا تمت بصلة لحفلات الأوبرا، تليق بحفل عام فى محفل عام، دار سينما أو مركز شباب، ومستوجب سريعا من الدكتور داغر، تطبيق الكود الأوبرالى الذى يستبطنه كعاشق للأوبرا قبل أن تفقد الأوبرا عشاقها الحقيقيين.