حمدي رزق يكتب: ما بين الأهلى والهلال نيل يجرى
تستغرب من خطاب نادى الهلال السودانى الشقيق إلى الاتحاد الإفريقى لكرة القدم «كاف»، بواسطة الأمين العام للنادى، والذى يتهم جماهير الأهلى المصرى ببث ونشر فيديوهات تحمل خطاب الكراهية وإفراغ كرة القدم من معانيها السامية والرفيعة، ويحث الاتحاد القارى على القيام بكل الإجراءات التى تحفظ وتؤمن سلامة بعثة الهلال وجماهيره منذ الوصول إلى القاهرة وحتى المغادرة.
جد خطاب غريب، وعجيب ما يكتنف هذه المباراة من ملابسات مزعجة، وكأن هناك من يشعل نار الفتنة الكروية بين جماهير الأهلى والهلال، من الذى يعكر صفو العلاقات الأخوية بين شعب وادى النيل؟!.
فى الأخير هو ماتش كورة، فى سياق علاقات كروية قديمة ومتجذرة فى الأرض الطيبة، علمًا بأن جماهير الهلال عادة ما تشجع الأهلى، كما أن جماهير المريخ بالهوى تشجع الزمالك.. والقطبان الكبيران الأهلى والزمالك لهما شعبية عريضة بين الجماهير السودانية، الهلال والمريخ فى السودان مثل الأهلى والزمالك فى مصر، نسخة طبق الأصل.
لا مكان للفتنة بين جماهير الأهلى والهلال، والهلال فى مصر فى بيته وملعبه، وبين ظهرانينا جماهير هلالية بين الجالية السودانية فى مصر، وسيحضر البعض منها المباراة التى تحدد الصاعد إلى الأدوار النهائية.. نعم، هى مباراة مفصلية ولكنها ليست معركة حربية، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وعمل عليها، وعلى الهلاليين كما الأهلاوية الحذر من صُناع الفتن الكروية فى الفضاء الإلكترونى، إنَّ وَرَاءَ الأكَمةِ مَا وَرَاءَهَا؟!
من حق الهلال أن يطمع فى المباراة وتحقيق حلم الصعود بعد عروض قوية لافتة، ومن حق الأهلى الطمع فى المباراة، لاسيما أنها على أرضه وبين جمهوره، وفى الأخير هناك صاعد وعليه أن يهنئ الفريق المهزوم، هكذا تكون الروح الرياضية عامة، وبالأخص بين جماهير وادى النيل.
العَتَب كما يقولون على قد العشم، فلننسَ أحداث مباراة استاد «الجوهرة الزرقاء»، وكلام ساكت ما يصدر هنا أو هناك، لا يغير الثابت بين الأشقاء، والثابت أخوية، ومحبة، لا يحب نجوم مصر أكثر من جماهير الهلال، ولا يحب نجوم السودان أكثر من جماهير الأهلى، ونجوم الهلال وجماهيرهم فى وطنهم الثانى، وشعارنا فى ديارنا «إن ما شالتكم الأرض تشيلكم العيون».
هناك أيادٍ مسمومة فى الإناء تشعلها نارا، ولكن ماء النيل الذى يمرق من السودان عذبًا إلى مصر يطفئ النيران، ما صدر من ترحيب من إدارة الأهلى وجماهير ببطل السودان كفيلٌ بتهدئة الأجواء، وعلى المقدرين من منتسبى الفريقين الاقتصاد فى التصريحات التى تثير الأعصاب المشدودة من مفصلية المباراة.
معروف عن الجماهير الحمراء عشق الفانلة الحمراء، ولكنها دومًا عند حسن الظن بالأشقاء، وتستقبلهم بالأحضان، ليس أقرب إلى قلب المصرى من محبة الزول السودانى، بينهما كيمياء طبيعية بفعل تفاعل المكونات الروحية بماء النيل.
الحس السياسى لإدارتى الأهلى والهلال مستوجب.. وكابتن محمود الخطيب، رئيس الأهلى، دعا الهلاليين لسهرة كروية من سهرات شعب وادى النيل، والمسافة القلبية بين القاهرة وأم درمان تقطعها الأرواح فى غمضة عين.
