مقالات

وهمٌ إسمه الإنسانية

وهمٌ إسمه الإنسانية

وهمٌ إسمه الإنسانية
ارشيفية

كتب/ د. محمد كامل الباز

جلست أشاهد مقاطع تتكلم عن الحرب على غزة ومايحدث للأطفال والنساء والشيوخ، تابعت بشدة أراء العالم الغربي الذي يلوم علينا جمودنا وقلة انسانيتنا، أخذت أدقق وأتابع كل كلمة لعلي أستفيد من هذا العالم المتحضر حتي جاءت الصدمة الكبرى !!

 كان لقاء على إحدي شاشات التلفزيون الأمريكي مع رجل دين يهودي وسأله المذيع عما يحدث لأطفال غزة وهل هذا طبيعي، ألا يتألم قلبكم من أجل هؤلاء الأطفال، ظننت الرجل سيرواغ كعادة القوم ويلزق التهمة فى المقاومة، توقعته سينكر ماحدث أو أقل تقدير سيعبر عن أسفه الشديد لما حدث ولكنها كانت الصاعقة رأيت رجل الدين هذا يعترف علانية بما حدث، رأيت الرجل المنوط به تعليم الصغار والكبار القيم والأخلاق يؤكد ما حدث، رأيت مصدر العلم ومنبع الثقافة والحلم يرد بعصبية نعم نقتل الأطفال ويجب أن نقتل الأطفال بل أخذ هذا الهرِم يستشهد بآيات من التلمود عن قواعد الحرب التى تنص عن قتل كل شىء بما فيه الأطفال والنساء، والله كاد ينقلب إلي البصر خاسئا مما سمعت، نعرف أنه من الممكن أن يخطأ الجيش فيخرج علينا رجال الدين بحلمهم وحكمتهم يعتذرون عن هذا الخطأ ويؤكدوا على معاني التسامح والإنسانية لكن أن يخرج زعيم دينى وقدوة للكثير من أبناء طائفته يفخر ويؤيد مقتل الأبرياء فى غزة فهذا بالنسبة لي كان ضربة قاسية أوجعتني وجعلتنى أذهب وأرجع بخيالي للمدينة الفاضلة التى كنّا نسمع عنها فى الأساطير والحكايات ولكنها فى الحقيقة ليست أسطورة ولم تكن حكاية بل كانت واقع ملموس، واقع يتهكم عليه الكثير من صغار العقول ومدعي التنوير والحداثة.

 كانت المدينة الفاضلة موجودة فى طيبة منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، علمَ رسول الله إن جيشاً من الروم خرج لملاقاة المسلمين وبينما خرج جيش المسلمين بقيادة سيف الله المسلول خالد بن الوليد أرسل له النبى صلى الله عليه وسلم رجل وقال له ( قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفاً ) العسيف هو الأجير أو العبد المُكره علي الحرب !! 

هل أسرع محمد بن عبد الله أفضل خلق أدم كله حتي يدرك قائد جيشه كي يحمسه للقتال والنيل من الأعداء ؟ هل بعث له رسولا مسرعاً كي يحثه على الانتقام والقتال بقوة ؟ لا والله بل كان كل همه إتمام مكارم الأخلاق التى جاء بها حتى فى الحرب، كان رحيماً حتي مع أعداءه قبل أصحابه.

 اوصاه ألا يقترب من النساء !! النساء التى جثثهن تملىء شوارع غزة الأن بقصف من إسرائيل ومساعدة العالم المتحضر، النساء التى يتهم الغرب أتباع محمد بأنهم لا يحسنوا معاملتهن ويحتاجون لدروس من الغرب كي يتعلموا كيفية معاملة المرأة، تعلمنا إسرائيل الأن كيف نعامل المرأة!!

كانت أخلاقه أيضاً مع أجير الحرب المغلوب على أمره الذى أُدخل الحرب كرهاً !!

 لم يتوقف نُبل وأخلاق المصطفي عند هذا الحد بل فاض نهر الخلاق لأكثر من هذا،

عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا بعث جيوشه قال: ( اخرجوا بسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع) رواه احمد،. امتد كرم النبى صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه أن نهى عن الغدر ونهي أيضاً عن قتل الصبيان !!

 متخيل أن الطائرات اليهودية تقصف مدارس ومستشفيات الأطفال عن عمد ومنذ أكثر من ١٤٠٠ عام كان هناك رجل لم ولن تنجب البشرية مثله منع جيشه من قتل الصبيان وهؤلاء أكبر فى العمر من الأطفال !! يمنع قتل الصبيان وطائرات أصحاب السبت بمساعدة الغرب المتحضر تمليء شوارع غزة بجثث الرضع الصغار، لم يكن رحيماً فقط بالصبيان والنساء والأُجراء، لكنه أيضاً منع قتل رجال الدين، منع قتل الرهبان الذين تفرغوا لشعائر دينهم بل أزيدك من الشعر بيتاً أنه صلى الله عليه وسلم فى كثير من غزواته كان ينهى عن قطع الأشجار أو تدمير الأرض بل وقتل الدواب أيضاً!! متخيل كم الرحمة واللين فى قلب هذا الرجل فى الوقت الذى يؤكد كل عسكرى أو قائد أن للحرب ضحايا من الممكن ان يكونوا أطفال او نساء.

 يوصي أطيب خلق الله جيشه بعدم قتل الحيوانات وعدم الفساد فى الارض حتى لو كانت أرض عدو محارب !! والله ثم والله لقد خسرت الانسانية وحقوق الإنسان كل شىء عندما تنازل المسلمين عن قيادة العالم لهؤلاء الضباع، بكت الدواب والأشجار، حزن الليل والنهار عن تراجع أتباع محمد، فرح الأعداء والصغار أن لهم عدوا رحيماً يحمل تعاليم فى الحرب لا يسعها كتاب أو تصفها أشعار، لكن للأسف ذهبت ومضت أيام العدل والمساواة لنجد عالم آخر، عالم كاذب يكيل بمئة مكيال، عالم تقوده حفنة من اللئام ضحكوا علينا بوهم الإنسانية والحرية فلم نري منهم إلا الظلم والعبودية. 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى