مقالات

الإعلامي حمدي رزق يكتب: ملاك ومستأجرون

الإعلامي حمدي رزق يكتب: ملاك ومستأجرون

الإعلامي حمدي رزق يكتب: ملاك ومستأجرون
الإعلامي حمدي رزق

 

العجلة من الشيطان، والشيطان يكمن فى مواد مشروع قانون الإيجارات القديمة المزمع مناقشته فى مجلس النواب.

مهمة محفوفة بالقلق المشروع، الشروع فى إقرار مثل هذا القانون ليس نزهة خلوية، هو قانون شائك. ويمس ملايين من الآمنين فى بيوتهم. وسيخلف آثارًا مجتمعية تستوجب الحذر، هناك تربص بالقانون. وهناك رفض صارخ من مجتمع المستأجرين للمساس بالإيجارات القديمة فى ظل أوضاع معيشية غاية فى الصعوبة.

وأعلم وأنتم تعلمون أن أوضاع الملاك فى غاية الصعوبة أيضًا، يترجون الله فى حق النشوق. وهم بملكياتهم القديمة أثرياء على الورق. ولكنهم فقراء إلى الله. ويطالبون بالإنصاف، من يتحمل فاتورة الإنصاف، هذه هى المشكلة. العقدة التى يستوجب البحث لها عن حلول واقعية عبر حوار مجتمعى شفاف.

فى قضية الإيجارات القديمة. وهى قضية خطيرة، يجب على مجلس النواب التروى وإقامة حوار ثنائى بين تكتلات المستأجرين والملاك. الاحتراب على أشده. وسبل الحوار متقطعة، أقرب لمعركة مكتومة ستنفجر حتمًا إذا ما قرر البرلمان مناقشة القانون، هذا الحكى لا يدخل فى باب التخويف والترهيب. ولكنه مدعاة للتفكر والتدبر والوقوف على حروف القانون.

ويستوجب مجتمعيًا أن يقف الطرفان، الملاك والمستأجرون، كلاهما موقف الآخر قبل إعلان الرفض الزؤام، عليهما أن يتحليا بالحكمة، وليعذر بعضهما بعضًا. وليضع كل منهما نفسه مكان الآخر، ويرى هل هذا من العدل فى شىء أن يظل الحال على حاله دون تحريك عادل، هل يقبلها المستأجر على نفسه إذا كان مالكًا، هل يقبلها المالك على نفسه إذا كان مستأجرًا، هل يقبلها أحدهما على الآخر؟

حط نفسك مكانه يا أخى قبل أن تظلمه أو تظلم نفسك برفض القانون، شعار لا مساس فيه ضرر بليغ ويفارق العدل فى تجليه الأرضى.

وبهدوء، لو كنت مالكًا، هل تقبل على مستأجر أن يهجر مسكنه الذى مضى فيه جل عمره. وعاش بين جدرانه الأربعة. وفيه ذكرياته وأفراحه وأتراحه، وأيام عمره منقوشة على الجدران.

لو كنت مالكًا. وتطلب إخلاء أو تحريكًا فى الإيجارات، لماذا لا يكون باتفاق وتفاهم دون افتعال معركة الكل فيها خاسر؟!..

ولو كنت مستأجرًا قديمًا، هل تقبل على مالك أن يمتلك بيتًا سعره بالملايين وأنت تدفع الملاليم، أن تقبل على نفسك يسرًا ومالك العقار يتسول ثمن الدواء والعلاج، وربما لا يجد مسكنًا لولده، وتكتفى بإلقاء جنيهات قليلة فى وجهه كل شهر أو تسكنها خزينة المحكمة.

ولو كنت مستأجرًا وتعانى شظف العيش، أليس هناك مالك يعانى نفس الظروف القاسية على الجميع، وإذا كنت لا تحتمل تحريكًا، كيف تحتمل عليه ثبات الإيجار فى ظل سعار الأسعار؟

ناس طيبة سكنت بيوت ناس طيبة فى زمن طيب، والفصل بين الفريقين ليس بتأجيل أو تعطيل القضية، أو الانتصار لفريق ضد الآخر، الفريقان حالتهما صعبة. ويحتاجان لمن يمد يده بالمساعدة، وانتشالهما من لجة الموج الصاخب حول هذه القضية.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى