عاجلعالم الفن

عيد الأضحى على طريقة سميحة أيوب… حين يذبح الفن حزنه ويُشعل الفرح بالمسرح

عيد الأضحى على طريقة سميحة أيوب… حين يذبح الفن حزنه ويُشعل الفرح بالمسرح

سميحة أيوب

كتبت / مايسة عبد الحميد 

رغم ملامح الوقار، والصوت المسرحي المشحون بالهيبة، إلا أن سميحة أيوب كانت تحمل قلب طفلة في الأعياد، وتحديدًا في عيد الأضحى، الذي احتفظ لها بذكريات دافئة رغم خشونة الحياة ومسرحها القاسي.

في أكثر من حوار نادر، كانت سميحة أيوب تستعيد طفولتها في حي شبرا، وتصفه بأنه “حي العيد الحقيقي”، حيث كانت تصحو فجرًا على أصوات التكبير، وتراقب الجزارين في الشارع من شباك بيتها، وهي تمسك بيد والدتها، تنتظر حصتها من “كبدة العيد”، التي كانت تعدّها الأم بطريقة لا تُضاهى.

“كنا نلبس الجديد، حتى لو كان فستانًا بسيطًا، وكان قلبي يرقص قبل أقدامي… شبرا كلها كانت عيلة واحدة في العيد.”

المسرح في العيد… صلاة خاصة

رغم الطقوس العائلية، فإن المسرح كان له مكانة خاصة في احتفالاتها. كانت تؤمن أن العرض في أول أيام العيد هو بركة.
كانت تقول دائمًا:

“كما يبدأ الناس عيدهم بالصلاة، أبدأه أنا بعرض مسرحي… الجمهور هو قبلتي، والتصفيق هو تكبيرة العيد.”

كانت تحرص على تجهيز نفسها قبل العرض بساعات، تُحضّر ملابسها وكأنها ذاهبة لعرس، وتوزّع الهدايا على طاقم العمل: شوكولاتة، أو قطع كعك محشوة بالتمر، وأحيانًا وردة صغيرة مع بطاقة كتب عليها: “كل سنة وانت طالع على المسرح، مش نازل!”

هل كانت تذبح الأضحية؟

في أحد اللقاءات، سُئلت سميحة أيوب إن كانت تُشرف على ذبح الأضحية بنفسها، فضحكت وقالت:

“أنا بنت شبرا، كنت أقدر أشوف الدم، بس قلبي كان بيخاف. أكتفي بأن أتأمل المعنى… التضحية، العطاء، الرحمة.”

كانت تُرسل الأضحية لعائلات محتاجة في حيّها القديم، دون أن تُعلن ذلك. وقالت ذات مرة لمساعدتها:

“الناس لما تاكل وتشبع من خيرك… ده هو الفن الحقيقي.”

ليالي العيد… طاولة عامرة وذكريات لا تُنسى

بعد العرض، كانت تعود إلى بيتها في الزمالك، حيث تنتظرها ليلة أُسرية صاخبة بالضحك والموسيقى. لا تخلو الطاولة من الفتة والكوارع، ولا الغرفة من أغاني أم كلثوم.

“العيد بالنسبة لي مش بس لحمة وكعك، العيد لما ألاقيني لسه بضحك من قلبي رغم اللي راح، ولسه عندي طاقة أفرّح اللي حواليّ.”

كانت تستدعي في ليالي العيد ذكرياتها مع سعد الدين وهبة، وتضحك وهي تحكي كيف كان يخاف من “ريشة الخروف”، وتقول:

“كان يكتب عن الثورة، ويخاف من خروف… تخيّل!”

سميحة أيوب… عيدها الحقيقي كان في العطاء

ربما رحلت سيدة المسرح، لكن العيد سيظل يمرّ من عند شباكها، يحنّ لأيام كانت فيها تفرش البهجة بحب، وتحتفل بالصمت، والفن، والكرم.

عيد الأضحى عند سميحة أيوب لم يكن تقليدًا دينيًا فحسب، بل حالة شعورية عميقة… مزيج من الطفولة، والعطاء، والمسرح، والناس.

وداعًا يا ست الكل… وكل عيد، سنذكرك وأنت تصنعين الفرح بمنتهى الأناقة.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى