سميحة أيوب… سيدة المسرح التي عاشت أدوارها بصدق وأحبّت بشروطها

كتبت / مايسة عبد الحميد
حين يُذكر اسم سميحة أيوب، تتجسد أمامنا صورة امرأة قوية، ثابتة، مهيبة الحضور على خشبة المسرح، ذات صوت رخيم ونظرة قادرة على أن تُسكت قاعة كاملة. لكن خلف هذه الهالة الفنية، كانت هناك امرأة تحمل قلبًا نابضًا بالتجارب، ومواقف إنسانية، وآراء جريئة في الحب والزواج والحياة.
من هي سميحة أيوب؟
وُلدت سميحة أيوب في 8 مارس 1932 في حي شبرا الشعبي العريق بالقاهرة. تربّت في أسرة متوسطة تؤمن بالعلم والانضباط، لكنها منذ الطفولة كانت مأخوذة بسحر التمثيل. التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لتصبح بعد سنوات قليلة واحدة من أعمدة المسرح العربي، ويُطلق عليها عن جدارة لقب “سيدة المسرح العربي”.
قدّمت عشرات الأعمال الخالدة، وأدارت المسرح القومي، وغيّرت معايير البطولة النسائية في المسرح المصري.
زيجات لم تخلُ من الألم
حياة سميحة أيوب الشخصية لم تكن تقليدية. تزوجت ثلاث مرات، وكل زيجة كانت حكاية مليئة بالتفاصيل.
الزيجة الأولى كانت من الفنان محسن سرحان، ولم تدم طويلًا.
ثم تزوجت من المخرج والممثل سعد أردش، وهو من أكثر من فهم طبيعتها الفنية الصارمة، وقدّما معًا أعمالًا ناجحة. لكن الحياة بينهما لم تستمر.
أشهر زيجاتها كانت من الكاتب الكبير سعد الدين وهبة، الذي كتبت معه قصة حب من نوع خاص، قائمة على الاحترام الفكري والحوار.
لم تُرزق سميحة أيوب بأبناء من أي من أزواجها، لكنها كانت دومًا تقول:
“الفن كان طفلي الأول، وربّيته بكل طاقتي.”
ورغم تجاربها، كانت آراؤها عن الزواج دومًا واضحة وقوية:
“أنا امرأة تحب وتُخلص، لكن لا أحد يقيّدني. الزواج يجب أن يضيف لا أن يحدّ. الحرية عندي لا تُساوَم.”
هل تشبه أحد أدوارها في الحقيقة؟
سؤال تكرر كثيرًا: هل تشبه سميحة أيوب شخصياتها؟
في أحد اللقاءات النادرة، قالت:
“أنا لست رابعة العدوية، لكنني كنتها يومًا… ولست أمًا قاسية كما ظهرت في بعض الأدوار، لكنني أُحب بقوة قد تبدو قسوة.”
أقرب أدوارها إليها كما قالت كانت “نوال” في مسرحية الناس اللي في السما التامنة، لأنها كانت امرأة واقعية، قوية، وممزقة بين الواجب والمشاعر، وهذا بالضبط ما عاشت به سميحة حياتها.
امرأة تشبه زمنًا
كانت سميحة أيوب امرأةً تشبه زمنًا بأكمله:
زمن الفن الذي يُبنى بالموهبة لا التريند.
زمن المرأة التي لا تعتذر عن قوتها، ولا تتنازل عن كرامتها.
زمن الفنانة التي تحمل على عاتقها رسالة، وتُتقن كل سطر تقوله، حتى في الحياة.
رحلت سيدة المسرح، لكن بقيت سيرتها تمثّل نموذجًا للمرأة التي خاضت الحياة كما خاضت الفن: بشغف، وكرامة، وبلا خوف.






