صديق من عالم آخر

تأليف: نرمين بهنسي
في بلدة صغيرة تحيط بها الأشجار والحقول، كان يعيش طفلٌ يُدعى سليم. كان سليم يحب المغامرات والقصص الغريبة، لكنه كان يشعر بالملل لأن كل أصدقائه مشغولون بالدراسة والأنشطة اليومية.
ذات مساء، وبينما كان يتجول بالقرب من الغابة الصغيرة خلف بيت جده، لمح شيئًا لامعًا بين الأشجار. اقترب بحذر، فوجد ورقة صغيرة مثبتة على جذع شجرة، مكتوبٌ عليها:
“هل تبحث عن صديق مميز؟ اتبع العلامات الزرقاء!”
تعجب سليم، لكنه شعر بالحماس. رفع عينيه فوجد على إحدى الأشجار نقطة صغيرة باللون الأزرق. دون أن يتردد، بدأ يتبع العلامات.
كانت العلامات تقوده بين الأشجار، عبر الجداول الصغيرة، وتحت الأغصان المتشابكة. ورغم الظلام الذي بدأ يحلّ، كانت هناك مصابيح خفيفة تلمع هنا وهناك، وكأن الغابة ترحب به.
بعد مسافة قصيرة، وصل سليم إلى كوخٍ قديم مغطى باللبلاب. طرق الباب بخجل، فسمع صوتًا ناعمًا يقول:
ـ “أدخل، كنت في انتظارك.”
فتح الباب ببطء، ليجد أمامه طفلاً في مثل عمره تقريبًا، يرتدي معطفًا أزرق طويل، وعيناه تتلألآن مثل نجمتين. قال له الطفل الغامض:
ـ “أنا اسمي ريان. أنا صديق الغابة.”
تعجب سليم وسأله:
ـ “صديق الغابة؟ ماذا تعني؟”
ابتسم ريان وقال:
ـ “أنا أساعد كل من يشعر بالوحدة أو يبحث عن مغامرة حقيقية. لكن هناك شرط صغير… يجب أن تثبت أنك تملك قلبًا شجاعًا.”
تحمس سليم وسأل بثقة:
ـ “وماذا عليّ أن أفعل؟”
أخرج ريان من جيبه خريطة قديمة مهترئة، وأشار إلى مكانٍ وسط الغابة، وقال:
ـ “هناك صندوق صغير، بداخله كنز ثمين، لكنه محاط بحراس الغابة الطيبين. يجب أن تصل إليه دون أن تخاف أو تتراجع.”
هز سليم رأسه بحماس، وانطلق مع ريان في رحلة قصيرة وسط الغابة. خلال الطريق، كان يسمع أصوات عجيبة، كأن الأشجار تهمس، أو الطيور تضحك، لكنه لم يتوقف. كان ريان يبتسم في كل مرة يتجاوز سليم خوفه ويواصل السير.
وأخيرًا، وصل الاثنان إلى شجرة ضخمة، تتدلى من أغصانها فوانيس مضيئة. أسفل الشجرة، كان هناك صندوق خشبي صغير. ركض سليم نحوه، فتحه بحذر، ليجد بداخله… مرآة صغيرة جميلة، محفور عليها عبارة:
“أنت الصديق الذي تبحث عنه.”
استغرب سليم، ونظر إلى ريان يسأله بعينيه عن المعنى. ضحك ريان وقال:
ـ “الكنز الحقيقي ليس في الأشياء، بل في نفسك. أنت تملك الشجاعة، والوفاء، وروح المغامرة… وهذا ما يجعل أي شخص صديقًا مميزًا.”
شعر سليم بالسعادة تملأ قلبه. عندما التفت ليشكر ريان، وجده قد اختفى! لم يبقَ سوى معطفه الأزرق معلقًا على غصن شجرة.
عاد سليم إلى بيته وهو يحمل المرآة الصغيرة، وقلبه مليء بالحماس والحب. ومنذ ذلك اليوم، لم يشعر بالوحدة أبدًا، لأنه أدرك أن الصديق الحقيقي يبدأ من الداخل، ثم يجد طريقه إلى الآخرين.






