عاجلمقالات

“عقل نووي.. وقلب مصري: في ذكرى رحيل سميرة موسى عالمة الذرة التي أرعبت العالم”

“عقل نووي.. وقلب مصري: في ذكرى رحيل سميرة موسى عالمة الذرة التي أرعبت العالم”

عالمة الذرة سميرة موسى

كتبت / مايسة عبد الحميد 

في مثل هذا اليوم، 5 أغسطس، فقدت مصر واحدة من ألمع العقول العلمية، وواحدة من القلائل الذين حلموا بإنقاذ البشرية لا بالأسلحة النووية، بل بعلاج السرطان. إنها الدكتورة سميرة موسى، أول عالمة ذرة مصرية، التي تحولت من فتاة ريفية بسيطة إلى واحدة من أخطر العقول التي أرّقت القوى الكبرى.
“أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين” — كانت هذه الجملة أملها.. لكن يدًا خفية لم ترد لهذا الأمل أن يتحقق، فدُفنت أحلامها في وادٍ أمريكي، بعد حادث ما زالت أسراره مطمورة في ملفات الغموض منذ عام 1952.

وُلدت سميرة موسى يوم 3 مارس 1919 في قرية سنبو الكبرى التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية. ظهرت عليها علامات النبوغ في سن مبكرة، وانتقلت إلى القاهرة مع والدها لتواصل تعليمها.
التحقت بمدرسة قصر الشوق الابتدائية، ثم بمدرسة “بنات الأشراف” الثانوية، لتتفوق وتصبح أول فتاة تحصل على المركز الأول في شهادة التوجيهية عام 1935، في وقت لم يُتح فيه للفتيات خوض الامتحانات إلا من المنازل.

درست في كلية العلوم جامعة القاهرة، وتخرجت الأولى على دفعتها، فعُينت معيدة بكلية العلوم، وكانت هذه سابقة في تاريخ الجامعة. حصلت على الماجستير في التوصيل الحراري للغازات، ثم حصلت على الدكتوراه من بريطانيا في الأشعة السينية وتأثيرها.

لم يكن علم سميرة موسى هدفًا شخصيًا، بل كان حلمًا وطنيًا. فقد آمنت بقوة الذرة في شفاء الإنسان، لا في تدميره.
ساهمت في تأسيس هيئة الطاقة الذرية المصرية عام 1948، وشاركت في حملات محو الأمية بالريف، واهتمت بتبسيط العلوم للشعب.
في عام 1952، سافرت إلى الولايات المتحدة في بعثة علمية إلى جامعة أوكردج بولاية تينيسي، حيث أتيحت لها فرصة زيارة بعض المفاعلات والمعامل النووية.

قبل أيام من عودتها إلى مصر، تلقت سميرة دعوة لزيارة أحد المعامل النووية في ولاية كاليفورنيا. وفي طريقها، اصطدمت سيارتها فجأة بسيارة نقل ظهرت من العدم، فسقطت سيارتها من فوق جبل لتلفظ أنفاسها الأخيرة في 5 أغسطس 1952.
التحقيقات لم تكشف أي فاعل حقيقي، فالسائق كان باسم مستعار، وإدارة المعمل أنكرت إرسال أي شخص لمرافقتها. هكذا، قُيد الحادث ضد مجهول، بينما قُيد الحلم في صفحة منسية من التاريخ.

رغم مرور أكثر من سبعين عامًا على رحيلها، لا تزال سميرة موسى رمزًا للمرأة المصرية والعربية التي قررت أن تكسر الحواجز، وتسبق زمانها، وتترك وراءها ميراثًا من العلم والحلم، وذكرى لا يمكن محوها من سجل الخالدين.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى