ما بين(إياح حُتُب) الاختيار وفلاحة نهضة ( مختار)

كتب / شريف محمد
مصر أرض ( الكنانة) ، أرض الفراعنة، الرجال الأشداء ، ما عرف نيلها الاحتلال سنواتٍ حتى تتفجر بحار ثورات الدماء والمقاومة لترد التراب لأصحابه ؛ ومع هذا ماتغنى شعراؤنا بها إلا في صورة ( امرأة)، فهي ” البهية ” ، و ” المارية ” ، وهذا ما دفع العبقري ( محمود مختار) أن يرى مصر في تمثالهِ العالمي ” نهضة مصر” الذي يُزين أحد ميادين محافظة الجيزة، رأها (امرأة) ، صلبة ، قوية، تحتضن
“أبا الهول” ، الرجولة ، والقوة ، البأس والمروءة ، تحت كفها ، وطوع بنانها.
ولا عجب في هذا الخيال لدى ” محمود مختار” فالأم ” إياح حتُب” دفعت زوجها لساحة القتال طرداً للمحتل الهكسوسي ، فلما قضى نحبه لم تهن ولم تستكِن دفعت فلذتي كبدها ” سقنن رع ” ” فأحمس” وهي رابطة الجأش قوية ثابتة ، ترى الوطن أغلى من الزوج والابن ، ترى شرف وطنها من شرفها ، وكرامتها من كرامته.
و لا تزال تتدفق هذه الدماء المصرية الفرعونية داخل شرايين المصريات إلى الآن ، أماً تذود عن وطنها بابنها فهي أم الشهيد ، وثانية تبني المجد لوطنها بمن علمت فتفوق ، وبمن هذّبت فأبدع ، وبمن باعت ذهبها لأجله ، فحفظت لرجولته ماء الوجه ، ولعرضه الصون والعفاف .
إنها مصر( المصرية) ،
مصر ( النساء) اللائي يخرجن للوطن البُناة ، ويخرجن للغُزاةِ النمور الفاتكة ، والسيوف الباترة في الحرب.
وفي السِلم هي المُدبرة ، والمُعلِّمة ، و المُعيلة ، بل هي ( العائلة ) ؛ فإذا ما أناخ الحمل أكتاف الرجال ، حملته أظهر النساء، إذا ما ألقت الرجال وتخلت ، أسرعت نساء مصر فاحتوت ، ورفعت عن الزوج خزي الفقر وسترت ، وعار الدين بما باعت من ذهب المال ، وذهب الصحة ، فكم من امرأة مصرية كانت لزوجها وعيالها العون والسَند، و مِن الله الخير والمدد.
و مِن عجائب المصريات القدرة على التدبير ، والتكييف ، والتشريف ؛ فالرجل المصري يُلقي إليها بنقوده المعدودات ، فتُطعِم ، وتُلبِس ، و توفر ، وكم من بيوتٍ ضاع منها المجداف في رياح الحياة بوفاة الملاح( المرأة).
و مهما ذكرنا وعددنا لنساء مصر الفُضليات من المناقب ، والأفضال ، والمآثر ، لن يصف مكانتها في هذا المجتمع ، الذي يرى الرجل المهذب( أمه مربياه)، والرجل الشجاع ( ابن أمه صح)، والرجل الطيب ( أمه ست محترمة).
لقد رأى المصريون ولازالوا أن المرأة المصرية هي :
الهانم / الست / الحاجة / الأبلة / الوتد / ست الكل.
فالمرأة المصرية ليست عيد الأم ، بل هي عيد النصر وعيد الجلاء ، و كل عيد جعلها الله تعالى فيه الستر؛
ولا أصدق من التعبير عن المرأة المصرية خاصةوالعربية عامة من أبيات الشاعر العراقي” كريم العراقي ” :
نحنُ قومٌ أرضنا أمٌّ
نُلبي ما تشاء
ولها نقف احتراماً
نحن نحترمُ النساء