تحديات الرئيس السيسي لتعزيز الحوار بين روسيا وأوكرانيا وتداعيات أزمة فجنر في ذكرى ثورة 30/6
بقلم/ د: أحمد مقلد
لقد جاءت كلمة فخامة الرئيس السيسي بمناسبة حلول الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو 2013، لتعبر عن تهنئته بتلك الذكرى، وقد أشاد سيادته بالشعب المصري العظيم وثورته المجيدة، كما أعرب عن ثقته في جيل الشباب وقدرتهم على بناء، وتطوير البلاد، وتحقيق التقدم، والازدهار. كما حرص سيادته على التأكيد على التزام الحكومة بمواصلة العمل من أجل تحقيق التنمية الشاملة وتحسين حياة المصريين في جميع المجالات.
كما وضح سيادته أن ثورة 30 يونيو قد أنقذت مصر من مصير سيء تم تخطيطه من قبل جماعة الإخوان المسلمين وتيارات التطرف، ويعتبر التحالف الذي شكله الشعب المصري في 30 يونيو برعاية فخامة الرئيس السيسي وبدعم الدولة وكافة الأجهزة المعنية، هو محاولة لإعادة توحيد الصفوف بعد فترة من الانقسامات. حيث قدمت الثورة رسالة واضحة للتنظيم الإرهابي وحلفائه بأنهم يواجهون قوى ومؤسسات الدولة التي تعمل على صون أمن البلاد ومصالحها العليا. وأشار الرئيس السيسي إلى أن ثورة 30 يونيو قد أنقذت مصر من مصير سيء كان يخطط له من قبل جماعة الإخوان المسلمين وتيارات التطرف. كما أشاد بالتحالف الذي شكله الشعب المصري في تلك الثورة برعاية الرئيس السيسي وبدعم الدولة وجميع الأجهزة المعنية، واعتبره محاولة لإعادة توحيد الصفوف بعد فترة من الانقسامات. وأكد أن الثورة وجهت رسالة قوية للتنظيمات الإرهابية بأنهم يواجهون قوى ومؤسسات الدولة التي تعمل على صون أمن البلاد ومصالحها العليا.
وفي إطار قناعة مصر بأهمية الحوار، دعمت وشاركت مصر في المبادرة الأفريقية لحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا. من أجل إيجاد حل سلمي للنزاع وتقديم الدعم في قطاعات مثل الأمن الغذائي والطاقة والتمويل الدولي. وقد تم التوافق على استمرار العمل على تعزيز المبادرة وتشجيع الأطراف المعنية على المشاركة فيها بشكل إيجابي. وقد رحبت روسيا بالمبادرة وجاري عمل مناقشات حولها مع الجانب الأوكراني، ويعتقد الخبراء أن الوساطة الأفريقية لها فرص ناجحة نظرًا للموقف المتوازن للدول الأفريقية والعلاقات الوثيقة التي تربطها بروسيا وأوكرانيا.
هذا وقد تعرضت القوات الروسية لأزمة عارضة نتيجة قيام رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين بالتخطيط لعمل مسلح ضد مؤسسة الدفاع الروسية والتي اتهمها منذ فترة طويلة بإفشال الحرب في أوكرانيا، لذا كان على بوتين الرد بمخطط عسكري لفرض سيطرته المباشرة على مجموعة فاغنر العسكرية، بعد صراعات داخلية استمرت لأشهر. من خلال الطلب من أعضاء هذه المجموعة التوقيع عقود مباشرة مع وزارة الدفاع لجموع التشكيلات من المتطوعين، مستهدفاً عدد كبير من المجموعة. وقد رد “فاغنر يفغيني بريغوجين”، على هذا الطلب بالقول إنه لن يوقع على أي عقود مع وزير الدفاع، واتهمه بعدم الكفاءة، وتشير التقارير إلى أن العقود الجديدة تهدف إلى وضع بريغوجين وقواته تحت السيطرة الروسية، ويُشتبه في كون مجموعة فاغنر قد لعبت دورًا رئيسيًا في الحرب بأوكرانيا إلى جانب القوات الروسية. كما يُعتقد أن مجموعة فاغنر تشكل تهديدًا للاستقرار على المستوى العالمي، حيث يُشتبه أن جنودها منتشرون في عدة مناطق حول العالم
ومن المؤكد أن روسيا لن تستطيع التراجع عن حربها مع أوكرانيا أو السماح لها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو. كما ترى روسيا أن حربها مع أوكرانيا يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي ولذا تسعى لتحقيق عدة أهداف سياسية وأمنية من هذا الصراع، من خلال إسقاط نظام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ونزع سلاح أوكرانيا، ومنع انضمامها إلى حلف الناتو، وإجبارها على الأعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، واستقلال لوغانسك ودونيتسك. وستظل روسيا في تنفيذ عملياتها العسكرية بأوكرانيا لحين تحصل على تعهدات واضحة بعدم توسع حلف الناتو على حدودها، وفي المقابل فإن الحرب الروسية الأوكرانية قد أدت إلى تماسك حلف شمال الأطلنطي بصورة غير مسبوقة ودفعت الدول الأوروبية إلى زيادة الإنفاق العسكري والتسلح. كما زاد حجم التوترات الجيوسياسية والاقتصادية بين الدول الكبرى وتهديد استقرار المنطقة.
وهناك عدة سيناريوهات محتملة للحرب الروسية الأوكرانية. السيناريو الأول هو حرب الاستنزاف، حيث قد تستمر الحرب لفترة طويلة وتتحول إلى صراع دائم بوتيرة منخفضة. السيناريو الثاني هو الإعلان الأحادي لوقف إطلاق النار، حيث يمكن لروسيا أن تعلن وقف إطلاق النار وتسعى للتفاوض وتحقيق تسوية سياسية. السيناريو الثالث هو التسوية السياسية وتقاسم المصالح، حيث يتم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الجانبين. السيناريو الرابع هو انتصار أوكرانيا، حيث تنجح أوكرانيا في دفع القوات الروسية وتحقيق انتصار عسكري وتعزز علاقاتها مع الغرب. السيناريو الخامس هو انتصار روسيا، حيث تحقق روسيا تقدماً عسكرياً وتسيطر على أجزاء أوكرانيا. وهناك أيضًا سيناريو تقسيم أوكرانيا إلى قسمين، حيث يتم تقسيم البلاد بين روسيا والغرب. وهذه السيناريوهات مجرد توقعات وتفكير نظري، والنتائج الفعلية قد تختلف بناءً على التطورات والمستجدات على الأرض.
وقد نحتاج لحدوث اتفاق يجمع بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، مع تحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة في السياسة العالمية، كما يجب التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح جميع الأطراف المعنية ويضع أوكرانيا في موقع محايد سياسيًا.