حق المرأة وحقيقة دورها في تحقيق استقرار الأسرة
بقلم د. / أحمد مقلد
عاشت الزوجة حياتها لتمنح من عطائها ونبع حنانها ما يدعم نجاح الزوج ويوثق تميز الأبناء ولكون تنشئة الأسرة تقوم على دعائم التوجيه لذا كانت الأم هي الأقرب في النصح والساعية لجبر كسر ومن أطيب القصص التي توثق هذا الأمر ما كان من أمر خصام رجل لزوجته فغضبت وكتمت وجعلت تضع ملابسها في الحقيبة عازمة على الذهاب إلى بيت أهلها، وأحس زوجها بالأمر فبادرها بكلمة جميلة وابتسامة لطيفة، ثم سألها: ماذا تفعلين؟ فقالت أدخل ملابس الصيف وأخرج ملابس الشتاء.
ولكون الزواج هو رباط شرعي يدعم الحياة بالمودة والرحمة ويوثق التالف بين الزوجين ويحقق عمارة الكون وفق مراد الله، والزوجة مخلوق رقيق ترضيه الكلمة وتكفيه الابتسامة، ولين التعامل مع الزوجة واللطف والرفق بها دليل حسن الخلق وأكتمال الرجولة.
لذا يجب أن نحسن معاملتها واحترامها ومراعاة مشاعرها، والحفاظ على رابطة الود والرحمة التي أوجدها الله بيننا: فقال تعالي في كتابه الكريم” وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً” {الروم: 21}.
ووثق القرآن الكريم لأسلوب التعامل مع الزوجة فقال تعالي “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” {النساء: 19}، كما دعي نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لإكرام المرأة وعدم إهانتها فقال في الحديث الشريف ” إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم “.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استَوْصُوا بالنساء خيرًا؛ فإن المرأة خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإن أعوَجَ ما في الضِّلَع أعلاه، فإن ذهَبتَ تُقيمُه كسَرتَه، وإنْ ترَكتَه لم يزَلْ أعوَجَ، فاستَوصوا بالنساء» (متفق عليه).
والمرأة هي كنز الزوج وثروة حياته فإن حفظها حفظته وإن أكرمها أكرمته ورعة بيتها وذريتها وها هي الزوجة الأم تضرب المثل في دعم أسرتها وترعي أبنائها لتحولهم لنماذج مشرفة ومن تلك الأمثلة ما وثقته قصة عودة الطفل الصغير “توماس اديسون” من المدرسة وقدم لأمه ورقة صغيرة، وأخبرها: بأن المدرس أعطاني هذه الورقة الصغيرة وقال لي هذه الورقة تقدمها لأمك فقط.
وهنا تفتح الأم الورقة فتقرأ ما فيها وتدمع عيونها ورغم ذلك هي تقرأ الورقة بصوت عال لطفلها حتى يسمع ما سطره المعلم في الورقة وهذا نص ما قالته الأم:” طفلك عبقري، وهذه المدرسة لا تستوعب هذا الذكاء، حيث أننا ليس لدينا معلمين أكفاء لتعليمه، لذا يرجى تعليمه بنفسك”.
وبالفعل أخذت تلك الأم على عاتقها تعليمه وتدريسه، حتى أصبح عالم جليل وصاحب مدرسة علمية واختراعات تدرس حتى الآن، ولكون الذكرى قد غلبت على هذا الابن بعدما توفيت أمه بعدة سنوات فذهب أديسون إلى خزانته ووجد تلك الورقة التي أعطاها له المدرس، وعندما قرأها كانت الرسالة نصها الحقيقي هكذا: “ابنك ضعيف الفهم ولن نسمح له بأن يكمل دراسته بالمدرسة”، لذا كتب أديسون بمذكراته:” كان توماس أديسون ضعيف الفهم، ولكن أمه حولته إلى عبقري القرن”.
ومن خلاصة تلك التجربة الغنية بالمشاعر واليقين أن أكتمال بناء الأسرة وسقف البناء هو الأم ولكون الزوج هو بمثابة عمود الخيمة، والداعم لحفظ البناء، والزواج هو بمثابة أركان البيت التي تحمي الأسرة في نسق قيمي وخلقي وفق توجيه الوالدين ولكون الأبناء هم ثروة العمر لذا وجب رعاية الأم وحفظ ودها ورعاية متطلباتها لكونها هي روح البت التي تنفس الحياة والحق كل الحق أن الزوجة درة مصونة وجوهرة مكنونة وهي البانية لعز زوجها والحافظة لنجاح أبنائها والراعية لدوام الرابطة بين الأبناء وفيها الفداء مثلا وقدوة.