حمدي رزق يكتب… سروال منى زكى!!
مشهد إيحائىّ فى ثانية، منى زكي توحى بخلع السروال قبل الخروج مع زوجها إلى عشاء على «خسوف القمر»، مشهد مقصود تمامًا، على طريقة «شفت العصفورة»، ومن خلفه يتم تمرير القضية الأهم فى فيلم «أصحاب ولا أعَزّ».. قضية التطبيع المجتمعى مع «المثلية الجنسية».
وبعد أن شاهدت الفيلم، وأرجو أن تشاهده أولًا وتحكم، تحديدًا فى ماذا أخطأت الفنانة منى زكى؟ هل أخطأت فى قبول دور تتمناه ممثلات الصف الأول جميعًا، فى تقمص دور زوجة مصرية جميلة خارج البلاد (فى لبنان) تُفجع فى انكشاف مثلية زوجها إذ فجأة، فجيعة بعد عشرين سنة جواز، ورغم أن مثليته «كذبة بيضاء»، ولكنها انطلَت على شلة الأصدقاء فسلقوه بألسنة حداد؟
مشاهدة الفيلم دون تصورات مسبقة وبعيدًا عن المشهد إياه تضعك أمام ممثلة مصرية محبوبة لعبت دورًا مرسومًا فى قصة سينمائية عالمية، والحكم على الأداء الفنى متروك للنقاد السينمائيين، أهل السينما أدْرَى بفنونها التمثيلية.
مشهد خلع السروال، القضية أبدًا ليست فى أداء منى زكى للمشهد، ولكن لسابق تصور عنها باعتبارها من ممثلات السينما النظيفة (كما أشاعت)، المفارقة صاخبة، كيف تخلع وهى عادة تتمنع؟ رغم أن الخلع وهمى تمامًا، متروك لمخيلة المشاهدين.. كما يقولون: أطلقت الوحش من عقاله فأكلها!!
تصح هنا القاعدة «رأيى صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ، ورأىُ غَيرى خَطأ يَحتَمِلُ الصَّوابَ»، وقضية الفيلم، حسب تصورى، هى التطبيع مع المثلية الجنسية فى أفلام تصدير إلى المجتمعات العربية، عبر شاشات متلفزة بكل ما فيها من تشويق وإثارة، شىء لزوم الشىء، هذا هو مربط الفرس.. ونسجل تحفظًا واضحًا على دعوات المنع وقضايا الحسبة المجتمعية، المشرحة مش ناقصة.
لافت للنظارة، هناك إلحاح غير مستتر على خلق رأى عام متعاطف مع المثلية من داخل منظومة الرفض العارم وفق حوكمة دينية أخلاقية معتمدة دينيًا.
يراهنون هناك فى الأقبية المسحورة، السينما لها سحر خاص، على الأجيال الجديدة بين ظهرانينا التى تعلمت فى الغرب أو فى مدارس وجامعات أجنبية أو تلك المتصلة إلكترونيًا وفضائيًا بالحلم الأمريكى.
هذه قضية الفيلم المصنوع بحرفية على عين منظرى أخلاقيات العولمة، قضيته التطبيع الناعم مع المثلية باعتبارها من حقوق الإنسان.. ولا شىء سواها.
كل موبقات أبطال الفيلم وعوراتهم تكشفت مع الخسوف، ولكن الضجة صاحبت انكشاف مثلية الزوج (المكذوبة)، فلما أضاء وجه القمر استفاقوا، خلاصته تعيشون فى خسوف عقلى معتم وعندما تنير السماء سترون جيدًا!!
القضية ماثلة فى الفيلم، تقبلها على مضض أو ترفضها تمامًا.. حتى تلعنها، حقك تمامًا، ولكن تلبيس منى زكى القضية لا يستقيم منهجيًا وعقليًا.
بالعقل، هذه فكرة غربية تُبث على منصة غربية، وإذا شئت وشاء لك الهوى، ادفع وشاهد، نحن إزاء حالة عصف ذهنى ممنهج تجاه قضية المثلية والتطبيع معها فى المجتمعات الشرقية عمومًا، سيما العربية والإسلامية منها.
وللعلم، حتى الرفض العارم وبيانات الإدانة محسوبة بدقة، المهم إحداث ثغرة فى جدار الرفض عبر العصف الذهنى، المهم الولوج إلى العقلية المصممة على رفض الفكرة، مقصود لمس خلايا التفكير العميقة، مخطط بث الفكرة أملًا فى التطبيع معها مجتمعيًا بعيدًا عن المحرمات الدينية الصارمة.