د. محمد كامل الباز يكتب: صندوق النكد الدولي
بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت ملامح النظام العالمي الجديد فى التبلور، الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت حاكم غير مباشر للعالم، ينازعها من بعيد الإتحاد السوفيتي؛
سئم الغرب من الأفكار القديمة فى إحتلال الدول النامية والاستحواذ على ثرواتها، لاحت للقوي الغربية فكرة أفضل بكثير من فكرة إرسال الجنود وتعبئة الجيوش لأقصي الشرق وهي تكوين منظمات عالمية ظاهرها الرحمة وباطنها القسوة والعذاب، تم إنشاء مجلس الأمن، الأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية، وأيضاً صندوق النقد الدولي وهو بيت القصيد،
لم تحقق تلك المنظمات أي هدف من الأهداف التي أُنشأت من أجلها، أسباب معلنة لم نري منها شيء، فهل منع مجلس الأمن المجازر فى أرض الزيتون أم أن بعد إنشاؤه بثلاثة أعوام وبالتحديد عام ١٩٤٨ أُعلن عن وطن قومي لكيان مغتصب علي أرض ليس ملكه، ماذا فعل هذا المجلس وأين الأمن الذي وفره فى ظل مجازر تم ارتكابها على مرئي ومسمع من العالم كله فى تلك الفتره، متي تحركت الأمم المتحدة فى التسعينات بعد مجازر البوسنة والهرسك وكوسوفا، ظل الشعب المسكين يُقتل ويُذبح طيلة ثلاث سنوات من العصابات الصربية وفى العالم جمعية عامة تضم معظم دول العالم لم تفعل أي شيء، هل عاقبت محكمة العدل الدولية مرتكبي المجازر من قادة فرنسا وبريطانيا وايطاليا فى عالمنا العربي؟؟
هل فعلت تلك المحكمة أي شىء في المسخرة الدولية التي تحدث في غزة منذ أكثر من عام ؟ هل حاسبت أحد ؟ هل حاكمت أحد ؟ هل حتي سألت أحد ولو سؤال ؟
هي مجرد مؤسسات أُقيمت خصيصاً للتغطية على أفعال الغرب وجرائمه بل واعطاء المسمي القانونى لها حتي لا تقوم الشعوب وتناضل من أجل حريتها بحجة أن هناك منظمات دولية ( هتجبلك حقك)
زادت تلك المنظمات سفالة وازدادت وقاحة بذلك المدعو صندوق النقد الدولي،
منظمة دولية هدفها أن يعم الرخاء الاقتصادي والمالي كافة دول العالم، توفير فرص عمل، مراقبة المشاريع والحركة الإقتصادية، تشجيع الإستثمار ،مراقبة سعر الصرف، تمويل المشروعات… إلي هنا يبدو الكلام جيداً والعمل جميلا ولكن ما خفي كان أعظم، وإن شئت قل كان أسوء، بدأ هذا الصندوق يُظهر وجهه الحقيقي في التعامل مع الدول، قروض كبيرة بفوائد مرهقة بل ومهلكة لأى نظام إقتصادي، تدّخل مباشر فى سياسات الدول وخاصة في الشرق الأوسط، تدّخل أغرب في أشياء ليس لها علاقة بالاقتصاد أصلا مثل ( تمكين المرأة – مناهج التعليم – حقوق الإنسان وهي كلمة مطاطة تبدأ من مفهوم الحرية وتنتهي بأفعال تهدم المجتمعات وتتنافي مع العادات والمعتقدات، يتدخل فى أمور الدين، كيفية وضع المناهج، يعترض على آيات الخالق المدبر، يتدخل فى تنفيذ العقوبات ويحاول التغيير فيها، يحدد لك الأسعار وكيفية توزيع الدعم، كل هذا من أجل ماذا ؟ أن يعطي الدول العربية قروض بفوائد أقل ما يقال عنها أنها مجحفة، لدرجة أن الدول الأن باتت تقترض لسد فوائد الديون القديمة وهلم جرا….
استطاع الغرب من خلال تلك المنظمات أن يعوض ما فاته بعد خروج جنوده من الدول التي كان يستعمرها، اخترع لنا هيئات دوليه باتت الذراع الأساسي له فى الهيمنة الاقتصادية، العسكرية، الإجتماعية، بل والرياضية أيضاً لا تنسي ( الفيفا) يا عزيزى…
نأمل من عالمنا العربي الخروج من تلك البوتقة وخاصة هذا الصندوق الأسود، الذي لم يدخل إلي بلد إلا وجلب لها الفقر والضنك وكيف لا وهو يفعل حرفيا كل ما نهي الله عنه بل واستوعده وهو السلف بالفائدة، حيث كان القرءان حاسم أشد الحسم فى الوعيد لكل من تعامل بالربا وبغير القرءان أيضاً فإن لم يكن تعطيل دورة رأس المال والاستكانه للسلف والفوائد ليس ضار على الاقتصاد فأين الضرر إذن…
نعلم أن صندوق النكد هذا ليس اختيارا بل فرضه الغرب الظالم بالقوة على جميع الدول ( جمعية هتدخلها بالعافية) بل وأحيانا يكون الاقتراض منه عنوة أيضاً وإلا خرجت خارج إطار المجتمع الدولي وأصبحت في عزلة، ولكن أن تكون فى عزلة وأنت راض لربك خير ألف مره من آُنس بغضب الله لذا اتمني من كافة الدول الخروج من هذا المأزق وعدم التعامل مع هذا الصندوق الأسود الذي لم يكن أبدا مصدراً للمال والنقد قدر ما كان منبعا للضيق والنكد.
د/ محمد كامل الباز