رؤية الرئيس السيسي في مسار الإنقاذ الوطني لمواجهة تحديات الأمن القومي وحماية حياة المصريين
بقلم: د/ أحمد مقلد
حضر الرئيس عبد الفتاح السيسي، فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بمحافظة الإسكندرية، وقد شارك بالحضور في المؤتمر عدد كبير من الشباب، ليمثلوا جميع شرائح وقطاعات الشباب المصري بما في ذلك شباب الجامعات والرياضيين والمثقفين والإعلاميين وشباب الأحزاب، بالإضافة إلى بعض أعضاء مجلس النواب، ومن بين المشاركين كان، المستشار محمود فوزي، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، والمهندس بهاء ديمتري، مقرر لجنة الصناعة بالحوار الوطني وعضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والدكتور باسل عادل، مؤسس ورئيس كتلة الحوار، والنائب عبد المنعم الإمام، رئيس حزب العدل، وإيمان أبو غزالة، أمينة أمانة العلاقات الخارجية بحزب حماة الوطن، والدكتور أحمد علاء الدين، الأمين العام المساعد للأمانة المركزية للشباب لحزب مستقبل وطن، وعهود وافي، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة، والدكتور محمد شادي، الباحث الاقتصادي، والدكتور عبد الرحمن أيمن، الشريك المؤسس ورئيس العمليات بشركة “إيدي كيتلي”، وخلال فعاليات المؤتمر الوطني للشباب شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي افتتاح عدداً من المشروعات التنموية والخدمية عبر الفيديو كونفرنس.
وقد أشار الرئيس خلال المؤتمر أن الدولة تعمل على معالجة تاريخ طويل من التحديات، وأنه لا يمكن أن يترك الشعب في ظروف صعبة، ولذا تبذل الدولة جهدها في تنفيذ المشروعات القومية، وقد تم خلال المؤتمر عرضً فيلم وثائقي بعنوان “أهل إسكندرية”، وقد وثق هذا الفيلم التزام الحكومة المصرية بتحقيق التنمية المستدامة بمحافظة الإسكندرية، وتعزيز جودة حياة المواطنين، وتعزيز الجذب السياحي وتنمية الاقتصاد المحلي في المنطقة. وتجديد شاطئ المدينة بطول ثماني كيلومترات، مع التركيز على إنشاء محور المحمودية والذي ساهم في تخفيف ازدحام المرور وتحسين حركة النقل بشكل عام. وأشار الفيلم إلى ميناء أبو قير والذي يشهد العمل على عشرة كيلو مترات أرصفة، بينها رصيف بعمق 22 مترا، غير موجود إلا في دولة إسبانيا.
وخلال مداخلة الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد بقوة أن الهدف الأسمى من الحوار الوطني هو أن يتمكن كل فرد من الإعراب عن وجهة نظره، بما يحقق صالح الوطن والمواطنين، وتمني سيادته أن يستمر الحوار الوطني، باعتباره حالة مستدامة ومطلوبة لتعزيز التواصل والتفاهم بين أصحاب الرؤي المختلفة، وأكد سيادته بأن جميع مخرجات الجلسات الحوارية في المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ستكون موضع رعايته للتطبيق، وفيما يتعلق بتحديد سعر الصرف وأهميته، أشار سيادته إلى مدي تأثيره في تسعير العديد من السلع مثل اللحوم والدواجن بسبب استيراد مكونات الأعلاف الأساسية من الخارج، وأي زيادة في سعر الصرف ستؤثر مباشرة على أسعار المنتجات والخدمات المقدمة، ولن يكون المواطن قادراً على تحمل ثمن الخدمات التي تقدمها الحكومة بناءً على التسعيرة الجديدة للدولار.
ولهذا تم التراجع عن قرار رفع الدعم عن المشتقات البترولية نتيجة زيادة سعر الصرف، كما أعرب الرئيس عن مرونة سعر الصرف داخل مصر، ولكن عندما يتعارض هذا الأمر مع الأمن القومي لمصر ويكون على حساب حياة المصريين ويضيع الشعب المصري هنا نقول “لا”..
حيث وضح أن الحكومة تحتاج من 80 إلى 90 مليار دولار لتلبية الطلب على العملة، ولذا يجب التركيز على تقليل الاستيراد بالدولار، وهناك قائمة تضم 150 مستلزمًا يمكن تصنيعها محليًا، وتقدر قيمتها بحوالي 25-30 مليار دولار، وعندما يتم تنشيط إنتاج هذه المستلزمات بشكل سريع، سيؤدي ذلك إلى زيادة الناتج المحلي والإيرادات الضريبية وتقليل معدلات البطالة.
وأكد الرئيس السيسي أن الدولة لا تستطيع التقدم إلا من خلال تقليل فجوة الدولار، كما أكد سيادته أن نجاح الدولة يتوقف على تعاون الجميع، فيما يتعلق بالفجوة الدولارية، أوضح وزير المالية الدكتور محمد معيط أنه خلال السنوات الماضية، كان يتم الشراء من الأسواق الأجنبية سنويًا ما بين 3 إلى 8 مليارات دولار سنويًا لسد الفجوة النقدية ولتلبية الطلب والحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي المقرر في البنك المركزي، مما كان يزيد حجم الدين، وقد تم الاستفادة من التسهيلات الائتمانية الدولية. ومع ذلك، تزايدت الفجوة النقدية بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
نتيجة ارتفاع فاتورة الاستيراد بشكل كبير وبسبب تضاعف أسعار المواد البترولية والقمح والذرة وزيت الطعام، إلى 10 مليارات دولار بدلاً من 6.5 مليار دولار قبل يناير 2022، وأضاف الرئيس أنه يجب عدم نسيان شبح الماضي، وهذا ليس مقترناً بتوجيه تهديد، ولكن لبيان حماية الله سبحانه وتعالى لنا في المرة الأولى، وكان بإمكان العديد من المصريين أن يصبحوا لاجئين في دول أخرى. وأشار إلى أن أحداث 25 يناير أدت إلى حالة من الفوضى والتدمير، وكبدت الدولة تكلفة إصلاح قدرها 80 مليار جنيه، بالإضافة إلى التأثير السلبي للإرهاب ونضوب الاحتياطي النقدي الأجنبي في عام ونصف فقط.
وكانت الكنائس والمساجد والمحطات الكهربائية وغيرها مستهدفة بعد 30 يونيو. وقال ردا على سؤال حول العفو الرئاسي “نحن الآن في مرحلة إنقاذ وطني وأنا مسؤول أمام الله عن هذا الشعب وهو الذي سيحاسبني إذا تشرد في كل مكان، وأنا لا أخاف أبدا ولو خفت، لكانت مصر في خراب ودمار”، والدولة المصرية تحتاج إلى 2 تريليون دولار في السنة حتى تستطيع أن تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين، ولكن هل نحن نملك هذا المبلغ؟ بالطبع لا نملك هذا المبلغ ، وذكر سيادته أن التعليم الأساسي وحده يحتاج إلى مئات المليارات من الجنيهات لتغطية احتياجات 25 مليون طالب، وهو مبلغ لا يمكن توفيره في الوقت الحالي.
كما أعطى سيادته مثالًا عن وزارة الصحة، حيث أكد أن الدولة لا تستطيع توفير الحد الأقصى المطلوب من المستشفيات والفرق الطبية لتلبية احتياجات السكان، ولكننا نسعى دائمًا لتحقيق التطوير ، ويجب أن نتفهم الواقع والتحديات التي تواجه الدولة، كما نوه سيادته: “لا يمكنني أن أقول لوزير الصحة أنني لن أتمكن من توفير الرقم المطلوب لعلاج 105 ملايين شخص وفقًا للمعايير الطبية الحقيقية. وعلي سبيل المثال تكلفة التأمين الصحي بالولايات المتحدة تصل إلى 3 تريليونات دولار ولديهم 400 مليون نسمة، وبالتالي، كل 100 مليون شخص يستحقون 75 مليار دولار، وبما أننا لا نملك مبالغ مالية بهذا الحجم، فنحن نعمل على تنفيذ مبادرات مثل مبادرة الكشف المبكر عن فيروس “سي” ومبادرة الكشف عن الأمراض السارية ومبادرة الكشف عن السرطان ومبادرة ضعف السمع، وأشار إلى أن الكشف المبكر لأمراض السرطان لدى النساء لا يتطلب تكاليف للعلاج أو معاناة للمريض. وفي ظل ظروفنا الحالية بمصر، يجب أن نعتمد على الأفكار لتعويض قدراتنا المحدودة.
وأعرب الرئيس عن سعادته بالأفكار التي طُرحت خلال جلسة الحوار الوطني، وأضاف سيادته بأنه يعلم تمامًا حجم المشاكل التي تعاني منها مصر وأنه تفاجأ بشجاعة وتحمل الشعب المصري خلال العشر سنوات الماضية. كما أشاد بعائلات الشهداء الذين قدموا تضحياتهم من أجل الوطن، كما ذكر سيادته “أنا لم أقل لكم كلاما معسولا بأن الأمور ستكون خضراء.. أنا قلت إن هذا البلد بحاجة إلى عمل دائم، ونريد العمل ليل نهار، وما تم تحقيقه بالنسبة لظروف مصر وإمكانياتها كبير جدا”، وهناك مسؤولين في دول كثيرة يسألونه عن كيفية عمله في ظل هذه الظروف، منوها بأن الموضوع كله أفكار وضرب مثلا بأن “الدولة لم تتحمل جنيها واحدا من الموازنة للعاصمة الإدارية أو لمدينة العلمين”.
كما تضمنت فعاليات المؤتمر الوطني للشباب عروض لفقرات غنائية، تمثل مواهب برنامج الدوم وكورال شباب الجامعة وكورال قصر ثقافة الأنفوشي، كما تم تكريم عدد من النماذج الناجحة والملهمة من أهالي الإسكندرية. وختاماً نجد أن الأمن القومي ورفاهية المصريين هما أهم أولويات الرئيس السيسي رغم صعوبة القرارات وعظم المسئولية. كما أن هناك ضرورة ملحة لتقليل فجوة الدولار بهدف تحقيق التقدم الاقتصادي ولضمان استقرار البلاد وتحسين معيشة المواطنين.