“شعرة” تنقذ مصور فيديو المدرس المتحرش من المشاركة في الجريمة
من على بُعد عدة أمتار، استغل أحد الأشخاص الشباك المفتوح لتوثيق واقعة مشينة، انتشرت سريعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واحتلت الصدارة به ونالت اهتمام المواطنين، عقب تداول مقطع فيديو لمدرس مسن، يتحرش بطفلة صغيرة، ويحاول تقبيلها، لتلقي الأجهزة الأمنية القبض على المدرس المتحرش بعد ساعات من انتشار الفيديو.
وتصدر هاشتاج “إعدام المدرس المتحرش”، قائمة التريندات بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”، بعد فترة من تداول الفيديو، حيث قال رواد “تويتر” في تعليقاتهم، إن الفيديو يرجع لأحد المدرسين الذي تحرش بالطفلة الصغيرة، أثناء إعطائه درسا لها بالمنزل، معبرين عن غضبهم من الفعل المشين.
لم يقتصر غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي على المدرس المتحرش فقط، فقد هاجموا مصور الفيديو، الذي اكتفى بتصوير الواقعة دون التدخل لإنقاذ الفتاة البرئية، في بداية الواقعة.
وبعد مرور عدة ساعات من ذلك الهجوم على المصور، كشف مصدر أمني أن مصور الفيديو موظف مقيم بالشقة المجاورة لشقة الطفلة، وفي أثناء وجوده بالبلكونة الخاصة بشقته تفاجأ برجلٍ عجوز يتحرش بالطفلة فأخرج هاتفه وصوَّر الواقعة بالكامل لمدة 8 دقائق.
ووفقًا للمصدر الأمني، سارع مصور الفيديو بإنقاذ ابنة جارته من المسن ووصفه بالذئب العجوز، وأن مقدم البلاغ اتصل برئيس مباحث قسم المقطم، وأبلغه بالواقعة، ثم أرسل إليه الفيديو الخاص بالواقعة، مضيفا: “أن الجار هو من أنقذ الطفلة من بين يدي المسن المتحرش، خوفًا عليها من الاعتداء الجنسي”.
واقعة التحرش والجدل حول الفيديو الذي يوثقها، طرح تساؤلا مهمًا عن صحة التصرف في تلك المواقف.
أستاذ علم اجتماع: تصوير فيديو للتحرش مشاركة في الجريمة إذا لم يمنعها
الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، شاركت رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الهجوم على المدرس المتحرش ومصور الفيديو، حيث أكدت أنه في حالة صمت مصور الفيديو والاكتفاء بتوثيق الواقعة فقط سيكون وقتها مشاركًا في الجريمة بعزوفه عن منعها، وهو أمر أساسي ومهمة تقع على جميع أفراد المجتمع.
وأضافت “هدى”، لـ”الوطن”، أن مصور الفيديو ساهم في القبض على المتحرش والمضي قدما في الإجراءات القانونية ووقف أعماله المشينة، بنشر المقطع عبر السوشيال ميديا، التي باتت تمثل جنونا لدى الكثيرون من أجل الاستعراض الذي يعتبر مرض نفسي حاليا.
وأوضحت أنه في الوقت نفسه تسبب في أزمة نفسية ومجتمعية كبيرة لدى الطفلة المُتحرش بها وأسرتها، حال معرفتهم بالواقعة من خلال الإنترنت، مشددة على أن دور الأفراد هو منع وقوع الجرائم بالمجتمع وعدم نشر الفوضى، ودعم الجميع لبعضهم، لذلك كان يجب على مصور الفيديو الجار أن يتدخل سريعا لإنقاذ الطفلة.
حقوقي: منع التحرش هو الأساس.. ولا مانع من التوثيق لمعاقبة الجاني
وشاركها في الرأي نفسه، الدكتور هاني هلال، أمين ائتلاف حقوق الطفل، بتأكيده أنه يجب في تلك الحالات سرعة التدخل في الواقعة لمنعها، سواء بإبلاغ الأسرة أو الاتصال بخط نجدة الطفل، بجانب التوثيق أيضًا لتمكين القانون من معاقبته وعدم التهرب من مسؤوليته.
وتابع هلال، لـ”الوطن”، بأنه وفقا لقانون الطفل فإنه يحمي الأطفال من أي أشكال للانتهاكات، لذلك على جميع من يشهد تلك الوقائع سرعة التدخل وإبلاغ الجهات المعنية عنها، مشيرًا إلى أنه لا تقع عليه عقوبة قانونية في هذه الحالة.
وأشار إلى أنه في حالة ثبوت كون المسن المتحرش معلما وأقدم على جريمته خلال درس خصوصي بمنزل الطفلة، فإنه في هذه الحالة تقع على الأسرة عقوبة قانونية بإهمالهم لها وعدم حمايتها، لغلق الباب على المدرس مع الطفلة دون رعاية.