مقالات

شهداء الشرطة يوم عيدهم .. بقلم: د. ماهر جبر

شهداء الشرطة يوم عيدهم .. بقلم: د. ماهر جبر

شهداء الشرطة يوم عيدهم .. بقلم: د. ماهر جبر
د. ماهر جبر

عرفت الشرطة في مصر بعد توحيد الملك مينا نارمر مملكة الشمال وعاصمتها بوتو، ومملكة الجنوب وعاصمتها طيبة، ثم إتخذ للدولة الجديدة عاصمة موحدة هي (من نفر) والتي تم إختصارها فيما بعد إلى (منف)، ومن هنا بدأت معرفة الحراسة على مساقي المياه وهي في ذلك الوقت أهم ما يجب مراعاته والحفاظ عليه، ثم إمتدت الحراسة للقصور وحماية الملك، وكانت مهمة الشرطة في بدايتها تنظيمية فقامت بتوزيع مياة النيل توزيعاً عادلاً بين المصريين، ثم زادت أهمية ومكانة العاملين بالحراسة لدرجة أن الوزير الأول لفرعون لقب بصاحب الشرطة، وهو ما ظل ملازماً للوزراء قروناً كثيرة، فأصبحوا مسئولين عن محاربة الفساد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على الأرواح عامة، وليس الملوك فقط، ثم تفرعت وزادت مهام جهاز الشرطة حتى أصبح مسئولاً حتى عن حماية المقابر والأثار.

غير أنه لوحظ في بعض الحقب الزمنية أن جهاز الشرطة لم يلتزم مهامه فقط وإنما تعداها نظراً لما تمتعوا به من هيبة ومكانة وحظوة لدى السلطان، فطغوا وتجبروا، والسؤال يدور عما يجب أن يكون عليه أفراد الشرطة، وما يجب على أفراد الشعب تجاههم؟.

الواقع يدل على أن تعدي أفراد هذا الجهاز حدود عملهم بما لا يتفق مع القانون، يجعل الناس يتذمرون واصفين إياهم بالطغاة، وتنسج حولهم حكايات ربما كانت لا أساس لها على أرض الواقع، مما يسيء أكثر وأكثر الى سمعتهم، بينما إذا فقدوا هيبتهم في أوقات معينة كأيام الثورات مثلاً، نجد الفساد ينتشر في البر والبحر، ويتضاعف حجم الإعتداء على القانون من عامة الناس وهم اللذين إشتكوا قبل ذلك من إعتداء الشرطة على القانون، فبماذا نرضى، هل بفساد بعض أفراد الشرطة، أم بفساد غالبية المجتمع؟؟.

هذا سؤال يتداوله بعض الخبثاء، فهو حق أريد به باطل، لكن الحق الحق واضح جلي لكل ذي لب، فلا يتجبر رجال الشرطة، ولا يفسد الناس، إنما الفيصل الوحيد في ذلك والذي يعيد الأمور إلى نصابها هو ألا تعطل القوانين، وألا تطبق على أفراد دون آخرين، فيجب كما قلنا أن تكون قواعد القانون عامة مجردة، وأن تكون كالموت يطال الجميع، ويتذوقه الكبير والصغير، والغني والفقير، هنا وهنا فقط يلتزم الجميع وينصاعون لتعاليم القانون، فالناس سواسية أمامه كما هم أمام الله، ولله المثل الأعلى فشريعة الله هي قانونه الأعظم، أليس فيها إفعل ولا تفعل، أما أن يطبق القانون على أفراد، ويعتدى عليه من غيرهم فلا سمع له ولا طاعة، إن لم يكن اليوم فغداً.

غير أننا لابد أن نعترف إتفقنا أو إختلفنا بفضل هذا الجهاز ورجاله الأبطال، فالصورة ليست قاتمة ع الدوام، إنما فيها كثير من البياض الناصع، فهم من ضحوا كثيراً من أجلنا، وأستشهد منهم المئات بل الآلاف وهم يسهرون على أمننا، وتاريخهم شاهد على ذلك لا يداهنهم فيه أحد ولا يجاملهم، وفي يوم عيدهم لا نستطيع نسيان ما حدث في الإسماعيلية عندما تصدت قوات البوليس المصري بأمر من وزير داخليتها العظيم في ذلك الزمان فؤاد باشا سراج الدين، تصدت للمحتل البريطاني ولم يستسلم الرجال البواسل ولم يرفعوا الراية، إلا عندما نفذت ذخيرتهم، فما كان من القائد الإنجليزي إلا أن عظم الشهداء منهم قبل الأحياء، وخرجوا من المكان منتصرين شهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ولن ننسى كذلك قائدهم المباشر آنذاك مصطفى رفعت الذي ظل ملازماً لهم حتى اللحظة الأخيرة، غير أنه يجب تكريمهم جميعاً جنوداً قبل القادة حتى نعطيهم حقهم، كذلك تحية تقدير لكل شهيد من شهداء الشرطة في كل وقت وحين دون مزايدة على وطنيتهم حتى ولو أساء بعضهم فهم المقتضيات الصحيحة لعمله.

تحية لكل وزراء الداخلية العظام، تحية لروح أحمد رشدي، شعراوي جمعه، محمد عبد الحليم موسى، وعلى رأس الجميع فؤاد باشا سراج الدين صاحب الملحمة التي كانت سبباً في تكريمنا كل عام لأبناء الشرطة في يوم عيدهم، ثم زاد هذا اليوم عظمة وجلالاً أيقونة الثورات، ثورة 25 من يناير عام 2011.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى