أسمهان… محاولة قتل غامضة في حياة الأيقونة ووفاة تشكك في الأسباب

كتبت / دنيا أحمد
تظل حياة أسمهان واحدة من أكثر القصص غموضًا في تاريخ الفن العربي. ورغم أنها كانت قد اكتسبت شهرة واسعة بفضل صوتها الاستثنائي، إلا أن هناك من يربط حياتها بعدد من القضايا السياسية والتجسس، ما يطرح تساؤلات حول حادث وفاتها المأساوي.
هل كانت بالفعل ضحية مؤامرة؟ وهل كانت حياتها مليئة بالأسرار التي لم تكشف؟

القصة بالتفصيل:
أسمهان، الفنانة السورية التي سحرت قلوب الملايين بصوتها الفريد، لم تكن مجرد نجمة على مسرح الفن، بل كانت أيضًا محط اهتمام أجهزة الاستخبارات في فترة الحرب العالمية الثانية.
ورغم أنها كانت مشهورة في مصر والعالم العربي، إلا أن حياتها الخاصة كانت مليئة بالألغاز والأسرار.

في تلك الفترة العصيبة، أُتهمت أسمهان بالتورط في قضايا تجسس لصالح الحلفاء ضد الألمان، وهو ما أضاف بعدًا جديدًا على شخصيتها الغامضة. ورغم أن أسمهان نفت تلك الاتهامات، فقد كانت هناك دائمًا إشارات تدل على علاقة غير مباشرة مع الاستخبارات الأجنبية، خصوصًا أن الحياة السياسية في تلك الحقبة كانت مشتعلة، وكان الجميع تحت المراقبة.
لكن المفاجأة الكبرى التي أذهلت الجميع كانت وفاة أسمهان في عام 1944، حيث لقيت حتفها غرقًا في حادث سيارة غامض. فبينما قالت التقارير الرسمية إن الحادث كان نتيجة حادثة عرضية، بدأ البعض يشكك في ملابسات وفاتها.
فقد تردد أن الحادث ربما كان مدبرًا، خصوصًا أن أسمهان كانت تتلقى تهديدات مستمرة بسبب تورطها المحتمل في قضايا التجسس، فضلاً عن حياتها الشخصية التي كانت مليئة بالأعداء والمنافسات.

العديد من الروايات تشير إلى أن أسمهان كانت على علم بخطورة الأوضاع المحيطة بها، وقد تكون حياتها المهنية قد دفعتها إلى هذا المأزق القاتل، حيث كانت مشروعاتها الفنية تتعرض للتعطيل بسبب الضغوط السياسية.
ورغم مرور سنوات على حادث وفاتها، إلا أن الأسئلة حول ملابسات الحادثة ما زالت قائمة، ويظل الكثيرون يشكون في أن أسمهان كانت ضحية لمؤامرة أكبر من مجرد حادث عابر.

القصة الكاملة بتفاصيل التحقيقات والعلاقات السياسية:
كانت أسمهان في الفترة التي تلت اندلاع الحرب العالمية الثانية في قلب صراعات دولية معقدة، حيث كانت المنطقة العربية تتأثر بشدة بالأحداث العالمية.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن أسمهان لم تكن مجرد فنانة محبوبة، بل كانت مشتبكة أيضًا في خيوط التجسس والعمليات الاستخباراتية التي كان لها دور غير واضح في تلك الفترة.
أسمهان، التي كانت قد نشأت في بيئة سورية مختلطة ثقافيًا واجتماعيًا، كانت على اتصال بعدد من الشخصيات السياسية والعسكرية الهامة، وقد ارتبط اسمها في بعض الأحيان بأنشطة تجسسية لصالح الحلفاء ضد الألمان في تلك الحرب.
ورغم أنها كانت متزوجة من الأمير حسن الأطرش، إلا أن علاقاتها بأفراد آخرين من دول أوروبية كانت محط اهتمام، خصوصًا أنها كانت تتنقل بين العواصم المختلفة بحكم عملها الفني، الأمر الذي كان يثير الشكوك حول دورها في نقل معلومات لصالح الحلفاء.
في إحدى الحوارات السرية التي أجرتها مع أحد الصحفيين الفرنسيين في القاهرة، تم التطرق إلى استفسارات حول دورها في الحرب. ووفقًا لبعض التقارير، كانت أسمهان قد اعترفت بأنها كانت تُستهدف من قبل السلطات البريطانية للمساعدة في تجميع المعلومات عن تحركات الألمان في المنطقة العربية.
لكن هذا الحديث لم يكن ليمر مرور الكرام، إذ سرعان ما وصلت إشاعات حول تورطها في عمليات تجسسية رسمية ضد الحلفاء.
علاقة أسمهان بالمخابرات البريطانية، وخصوصًا في ظل حرب الدعاية المشتعلة بين الجيوش، كانت تثير القلق لدى بعض الأطراف التي كانت ترى في أسمهان شخصية غير مستقرة يمكن أن تتعرض للابتزاز أو حتى القتل في حال تم الكشف عن تلك الأنشطة.
التحقيقات وتورطها في الشبهات:
بعد حادثة وفاتها، ظهرت تقارير صحفية تكشف أن أسمهان كانت تحت المراقبة من قبل السلطات المصرية بسبب الشكوك حول علاقاتها بالأجانب. كما أفادت بعض المصادر المقربة من عائلتها أنها كانت قد تلقت تهديدات عدة في الفترة الأخيرة من حياتها.
في التحقيقات الرسمية المتعلقة بحادث الغرق، هناك من أشار إلى وجود “تواطؤ”، حيث كان يعتقد البعض أن الحادث قد يكون نتيجة لمحاولة قتل مدبرة، قد تكون مرتبطة بمواقفها السياسية أو علاقاتها الغامضة.
قد يكون الهجوم عليها سياسيًا قد نبع من رغبة بعض القوى في إسكاته صوتها في وقت حساس للغاية، خاصة مع اقتراب حسم الحرب العالمية الثانية. ومع تزايد الحركات الوطنية في العالم العربي ضد الاستعمار، قد تكون أسمهان قد لعبت دورًا في نقل معلومات حساسة لعدة أطراف، مما جعلها مستهدفة من قبل جهات مختلفة.
الوفاة الغامضة:
وفي سياق التحقيقات، رفض بعض المقربون من أسمهان هذه الفرضية، مؤكدين أنها كانت حادثة “عرضية” فقط. لكن عدم وجود شهود عيان على الحادث وعدم توافر أدلة قاطعة جعل الجدل مستمرًا حول هذه النقطة.
ورغم مرور عقود على وفاتها، إلا أن الحكايات عن أسمهان، والتي تجمع بين الفن والسياسة، تظل مليئة بالأسرار. قد تكون هذه الأسرار هي التي جعلت من حياتها، وحادث وفاتها، جزءًا من الألغاز التي تضاف إلى تاريخ الفن العربي.
فـ أسمهان لم تكن مجرد صوت رائع فحسب، بل كانت جزءًا من فترة زمنية مليئة بالتوترات السياسية والمصالح الدولية.
حياتها المليئة بالأسرار تجسد الفترة التي كانت فيها شخصيات مثلها عرضة للتلاعب من قبل القوى السياسية، وأحيانًا ضحية لحرب أكبر بكثير من حرب الفن.





