الدين معاملةمقالات

محمد وميزان العدل … بقلم : علي إمبابي

محمد وميزان العدل … بقلم : علي إمبابي

محمد وميزان العدل … بقلم : علي إمبابي
ميزان العدل

العدل هو الإنصاف والاستقامة على طريق الحق ، وهو ضد الظلم والعدوان وأخذ من لا يستحق لما يستحقه غيره ، فبالعدل ينال كل ذى حق حقه، وتستقر الأنفس وتخلو من البغضاء وبه تشيد المجتمعات وتزدهر الحضارات ، ولإقامة وجه العدل على الأرض أنزل الله تعالى كتبه وبعث رسله بالحق والميزان.

فهو الغاية الكبرى التي كان لها تكليف الأنبياء ، وهو الأساس الذي تربى عليه الأنفس الذكية والمجتمعات الطامحة للعلا .

كانت أرض العرب عند ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم أبعد ما تكون عن التمسك بمكارم الأخلاق ، وأقرب ما تكون لتغييب ميزان العدل واستبداله بموازين القوة والسطوة والمال والسيادة ، وبين قوم تفشت فيهم صور الظلم والعدوان نشأ النبى متحليا بالخلق الكريم.

لا يقبل الجور ولا يحيد عن طريق الحق طرفة عين ، حتى إذا ما بعثه ربه بالهدى ، نادى في قومه بالانصاف ، فلا يبغي قويهم على الضعيف.

ولا يأكل غنيهم أموال الفقراء بالباطل، ولا يبطش سادتهم بالعبيد و المستضعفين ، ليشيدوا دولة العدل فى الدنيا، ويفوزوا برحمة الله تعالى في الآخرة.

جاء النبي بالعدل ، فظلمه قومه وتصدوا لدعوته و سفهوا قرآنه ، و ضيقوا على المؤمنين بنبوته ورسالة السماء سبل العيش، حتى صار فرار بعضهم بدينه ونفسه من مكة أمر لا سبيل سواه ، ويبحث النبي عن أرض تستقبل صحابته بالأمن والنجدة.

و ملك يعي ما لهم من فضل وحقوق، فلا يظلمون فى جواره، ولا يجد غير ” النجاشي” ملك الحبشة النصراني ، لا لشئ إلا أنه آمن برسالة السماء ، التى أنزلها الله تعالى على عيسى بن مريم “عليه السلام” ، و عرف قيمة العدل ونجدة الضعفاء.

جاء الإسلام ليقيم ميزان العدل ويساوي بين الأحرار والعبيد، فلا فضل يرتجى فى الآخرة إلا التقوى والعمل الصالح ،

ولا فضل يرتجى فى الدنيا إلا الكفاءة وإتقان أداء الواجبات ، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم أن العدل و المساواة بين صحابته هو الضمان لإقامة مجتمع متماسك ،

ينال كل من فيه حقه ويعمل على رفعته وحمايته، فشدد على التمسك بأقصى درجات المساواة بين المسلمين قائلا ” إخوانكم خولكم- أي من يخدمونكم- جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ” .

بقدر ما أحب النبي المساواة بقدر ما أبغض الشفاعة فى الحق، وإهدار وجه العدل لإرضاء النفس أو الغير،

علم النبي أصحابه أن السبيل إلى رضوان الله تعالى لا يكون بغير العدل مع النفس، وأنهم إنما يتحرون العدل مع الناس جميعا ليلمسوا عدلا في أنفسهم ،

فلا تفريط في الواجبات يؤدي إلى التضييع والنقصان، ولا إفراط فى الأداء يجهد النفس ويعود بها إلى التفريط .

عدل النبي بين صحابته فكان يقضى بينهم ، قائلا ” إنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض

أى : أقدر على إظهار حجته – فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها” ، وكان يقضي بينهم وبين نفسه،

فنراه يسير معهم إلى بدر وكل ثلاثة يتناوبون بعير واحد ، وصاحباه يلحان عليه أن يركب ويسيران عنه، فيأبى قائلا: ” ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما .

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى