بر الوالدين وأثره في الدنيا والاخره بقلم: الشيخ عبد العزيز زيدان
أن بر الوالدين والإحسان إليهما من الأمور التي أمرت بها جميع الشرائع السماوية لما في ذلك من فوائد تعود على الآباء والابناء وإنما يفعله الابن مع أبيه يرد له سواءا كان برا ام عقوقا والإنسان الذى لا يبرر والديه لن يدخل الجنة مهما فعل من أنواع الطاعات…
العنصر الأول: بر الوالدين في القرآن الكريم
إن الذي يقرأ القرآن بتدبر وخشوع يراه قد أمر بالإحسان إلى الوالدين فى آيات عديدة:
في سورة البقرة”وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين احسانا”
وفى سورة النساء:”واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا”
وفى سورة الإسراء:”وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية بر الوالدين وأن ذلك من أسباب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
العنصر الثانى:بر الوالدين في السنة النبوية
1- “جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي:قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك” والحكمة من وصية سيدنا رسول الله بالأم ثلاث مرات أن الأم تمر بمراحل ثلاث لا يمر بها الأب وهى الحمل والولادة و الرضاع ولا يخفى على أحد كافة هذه المراحل الثلاث من صعاب ومشقة للأم ثم بعد هذه الأمور الثلاثة تشارك الأب في تربية الأبناء وإعداد الطعام وغسيل الملابس والسهر على راحتهم .
2- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت “كان رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من كان في هذه الأمة بأمهما عثمان بن عفان وحارثة بن النعمان فأما عثمان فإنه قال ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت يعنى من حياءه مع أمه لا يستطيع أن ان يثبت وجهه في وجه أمه وأما حارثة فإنه كان يغلى رأس أمه ويطعمها بيده ولم يستفهمها كلاما قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج ماذا قالت امى..
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارئ فقلت من هذا فقالوا حارثة بن النعمان فقال صلى الله عليه وسلم كذلك البر وكان من أبرز الناس بأمه فانظروا كيف أن بر الوالدين جعل حارثة يقرأ القرآن في الجنة فعلى كل الأبناء أن يقتضوا بالصحابة في برهم لآبائهم ..
العنصر الثالث:وجوب الإحسان إلى الوالدين مع المخالفة فى الدين
ويتضح ذلك جليا فى تلك المحاورة التي دارت بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وبين أبيه الكافر يرى فيها أسمى الوان الأدب وقد قال له بكل ادب ولطف “يا ابتى لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا..الو قوله تعالى “فتكون للشيطان وليا”كما جاء فى سورة مريم… بهذه العبارات الرقيقة والكلمات المعبره خاطب إبراهيم عليه السلام أباه الكافر وقد رد عليه أبوه ردا قبيحا حيث قال له “لراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنتهى لارجمنك واهجرني مليا” ومع كل ذلك فقد رد إبراهيم على أبيه الكافر بقوله”سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيا” وهكذا ضرب سيدنا إبراهيم أروع الأمثلة فى المعاملة الطيبة للأب الكافر وكان الجزاء من جنس العمل فروق الله إبراهيم بابن بار وهو إسماعيل عليه السلام لما قال له أبوه “إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين”
العنصر الرابع: من أدعية الأنبياء لآبائهم
1- دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام”ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب”
2- دعاء سيدنا نوح عليه السلام:”رب اغفر لى ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات”.
3- دعاء سيدنا سليمان عليه السلام”رب اوزعنى ان اشكر نعمتك التي التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه”
وقد سئل سفيان الثوري كم يدعوا الإنسان لوالديه في اليوم مره او فى الشهر او فى السنه؟قال: نرجو أن يجزيه إذا دعا لهما فى اخر التشهد كما قال تعالى”إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”فكانوا يرون أن التشهد يكفى فى الصلاة على النبي فأضعف الإيمان أن يدعو الابناء لابائهم فى التشهد فى كل صلاه… قال صلى الله عليه وسلم إذا ترك العبد الدعاء للوالدين انقطع عنه الرزق ..
وعن أنس رضي الله عنه:دعاء الوالد لولده كدعاء النبي لأمته”
العنصر الخامس: حقوق الوالدين بعد موتهم
قد يظن الإنسان أن بموت الوالدين قد انتهت حقوقهم وهذا غير صحيح.جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال:
1- الصلاة عليهما أي الدعاء لهما.
2- والاستغفار لهما.
3- وإكرام صديقهما.
4- وتنفيذ وصيتهما.
5- وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما..وفى النهاية ادعو الله تبارك وتعالى أن يبارك فى آباءنا وأمهاتنا وأن يرحمهما أحياءا. وأمواتا وأن يجعلنا من البارين بآبائهم وأمهاتهم.