مقالات

حرب السوشيال ميديا وظاهرة التريند أو التريندات

حرب السوشيال ميديا وظاهرة التريند أو التريندات

حرب السوشيال ميديا وظاهرة التريند أو التريندات
مصطفي العموري

كتب: مصطفى العموري 

التطور التكنولوجي السريع الذي نشهده خلال عصرنا الحالي في شتى مجالات الحياة وخاصة على صعيد وسائل التواصل الاجتماعي هو سلاح ذو حدين يحمل الخير والشر في آن واحد . و عندما يكون السلاح بين أيدي لا تدرك مدى خطورته وكيفية استخدامه والتحكم فيه سرعان ما تنطلق منه نوبات متلاحقة من القذائف فيعم شره وخرابه ويكون سببا في هلاك ودمار كل من يطاله . وهكذا عندما يغيب الوعي والإدراك والفهم والعلم وتنحفض الثقافة لدى مجتمع ما  تجده يهتم بتوافه الأمور ويبدأ بالبحث عن ما هو سهل المنال لا يبذل مجهودا للوصول اليه  ولا يتطلب السعى للحصول عليه . فيبدأ البعض فى استغلال ذلك الفراغ الفكري واستغلال العقول والقلوب والمشاعر الإنسانية أو حتى إثارة الغرائز الفطرية لكسب المال . ويتم ذلك غالبا بمنتهى البساطة طالما ان الجو العام مهيأ والمناخ مناسب لزراعة التربه بأسوء المحاصيل  وهذا ما عملت السوشيال ميديا على توفيره فى الفترة الأخيرة لأمثال هؤلاء الطامعين حيث أصبح التريند باب رزق للكثيرين من الجهلة السفلة وأصحاب النوايا الخبيثه والمستغلين وممن يجيدون الخداع والتلاعب والتلون على ساحات مواقع التواصل الاجتماعى  .

 أصبحنا نقضي معظم أوقاتنا متعلقين بهواتفنا لنتابع من خلالها كل ما يدور ويحدث من حولنا من احداث محليه وعالمية فلا نجد سوى بعض البرامج المسماه توك شو تقدم لنا إما فن هابط أو فنانة قامت بفعل ما سواء جيد او قبيح أو عاطل بدرجة مطرب أو نزاعات بين لاعبين  و مشاكل عائلية بين فنانين  ثم يقومون بسرد أدق تفاصيل حياتهم على الملأ  ومنها الصادق والمكذوب . 

ثم نجد البوستات الخبيثة وأعمال البرمجة العصبية التي تعتمد علي اثاره المشاعر فتجعل البعض بدون أن يدري يساعد في نشر ما يريده عدوه بيديه ويحقق له غرضه . هو فقط يستفز مشاعرك لتعلق بالسلب او الايجاب او تضغط علي اي شئ على الشاشه مهما كان وانت بذلك لا تتجاهله بل تحقق له هدفه .بدون ان تطرح علي نفسك سؤال هل أصبحت كل مشاكلنا هي قضية الفنانين والمطربين واللاعبين وأصحاب الترند ام هو استغلال ونوع من الإلهاء ولمصلحة من ؟ ولماذا ؟ يتبارى الجميع ومنهم رموز في المجتمع وإعلاميين ومشاهير في تفسير التريند وسرد تفاصيلها أو رؤيتهم له هل هذا هو عملهم ام انهم ايضا يركبون الموجة ليحصلوا على المشاهدات وجزء من المكاسب سواء الشهرة أو المال حتى بعض المشايخ والواعظين ورجال الدين ينساقو ورائهم في تحليل التريند بدلا من أن ينصحوا الناس أن ينشغلوا بمشاكل المجتمع الحقيقية والقضايا الحالية  بدلا من المشاعر المصطنعة التي يتظاهر بها البعض والقضايا البعيده كل البعد عنا ولا تؤثر في حياة ومعيشة معظمنا. 

شهوه او مرض جمع الاموال والشهرة أصبح منتشرا بطريقة مريبه واصبحت له طرق ودروب عديدة  أما باستعراض النعم أو بطرح الأسرار والحياة الشخصية والعري والجهل والكذب وكل ذلك لكسب الشهره و المال جهلا منهم أو علما انهم بذلك  سينشأ جيلا مدمرا ناقماً حاسداً ديوثاً وللأسف اغلب الاعلام والصحافة إلا من رحم ربي أصبح شغلهم الشاغل التريند دون معايير أو أخلاقيات او رؤية أين الصالح العام. 

اصبحنا كإعلاميين نصدر للعالم صوره غريبه عنا ونصدر للمجتمع أيضا افكار غريبه ونشجعهم بغض النظر عن المحتوى الأجوف ونجعل من الحمقى مشاهير وننشر الاسفاف كأن هذا نحن وهذه ثقافتنا . نلهث وراء التريند أيا كان ما سنتخلى عنه وأيا كان الثمن نخالف المعايير المهنية والأخلاقية وننشر الذوق المنحرف ولماذا  لاجل الشهره الوقتية الزائفة الزائله والمال . 

إذا كان البعض يستغل جهل المجتمع وغرائز الشباب فأنت كإعلامى مٌثقفف كيف تستضيف او تعلق علي أمثال هؤلاء من المفترض أن تكون لك رسالة سامية فى تشكيل الوعى والوجدان كيف تساعد فى التشويه المٌتعمد للأجيال والمجتمع وتدمير الارث بدلاً من الارتقاء بجمهورك المٌتلقى بتقديم مادة إعلامية هادفة محترمة تفيد فكر الناس وتغذي عقولهم أو مناقشة القضايا الهامة والحيوية التى تشغل الرأى العام وتتعلق بالحياة اليومية وتساعد على رقي وتثقيف الناس من القراء و المتابعين و المشاهدين . 

البعض للأسف نجدهم يدمرون الهوية  ويساهمون في نشر فيروسات القذارة و الإسفاف والابتذال والجهل والتخلف . لا تكونوا إعلام الخزى والعار افيقو واستقيموا أجعله من منابركم إعلام مهني محترم لا يبث عبرها إلا كل ما هو مضئ ونافع ومفيد وجميل وأصيل .

 

ليس هناك من بشر لا يخطئ فالخطأ ماهو إلا تأكيد على أننا بشر وتعبير عن إنسانيتنا واحتياجاتنا ومفاهيمنا وما ينقصنا في حياتنا . والاخطاء هامه جداً لكي نفهم من حولنا وأنفسنا أكثر و نحسن من جودة علاقاتنا ونطور من حياتنا ‏وأفكارنا و أهدافنا . 

ولكن من الهام جدا عند معرفة خطأك تحديده والاعتراف به وتفادي تكراره في المستقبل سواء في حق نفسك او في حق الاخرين . الخطأ طبع إنساني ولكن شرعيته تلك ‏لا تبيح لك انتهاك حقوق الآخرين وغرس قيم خاطئه في نفوس ذويهم أو التسبب في تدني ذوقهم العام . 

من حق المجتمع أن يجد من يدافع عنه ويحميه و يسمو ويعلو بأخلاقه وفكره . أن يجد من يوعيه وينبهه ولا يضيع وقته هباء منثورا  بل من يفيده ويسعى لصالحه ومصلحته والارتقاء به ومحاولة التصدي مشاكله وهمومه  بطرحها وايصال صوتهم والتعبير عنه  وعن حاله وايجاد الحلول دوما لو أمكن . أنها رسالة الإعلام السامية .

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى