حمدي رزق يكتب: بكالوريا الوزير عبداللطيف «الأمة فى خطر»!!
السفّ السخيف على مقترح الوزير اللطيف، «محمد عبداللطيف»، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، أخشى أن يحرفنا عن مقاصد الوطن العليا.
مستوجب تقليب مقترح الوزير «البكالوريا الجديدة» على أوجهه التربوية والتعليمية، وهل يحقق ما نصبو إليه من جودة تعليمية تنتهج منهج العقل النقدى بعيدًا عن مناهج النقل المزمنة التى جففت منابع التفكير زمنًا؟!.
قصف المقترح والسخرية منه باستعادة «عصر الطرابيش» والوسوم الضاحكة مصادرة على المطلوب إثباته، أخشى أن يكون حجْرًا على الأفكار (من خارج الصندوق التعليمى).
حرىٌّ بالتربويين الوطنيين المؤتمنين على عقل الطالب المصرى الاستجابة لنداء رئيس الحكومة، الدكتور «مصطفى مدبولى»، بالانخراط فى «حوار مجتمعى مستنير»، منفتح على الفكرة ابتداء، وانتهاء بتجويدها إذا كانت صالحة أو رفضها من أصلها قناعة بسلبيتها وتأثيرها على الجودة التعليمية المرتجاة.
مهم الوقوف على حروف الفكرة، وسبر أغوارها، ومناقشتها بحرية كاملة ومسؤولية تامة، الرفض للرفض لا يُقيم بناية تعليمية، لا نزال نبحث عنها، نحوم كالعادة حول الحمى.
عقود خلت ونحن نبحث هوية للتعليم الوطنى الذى شاهت ملامحه من توالى التغيير والتبديل (مع كل وزير) دون حوار مجتمعى تخصصى يجود المطروح، ويسد النواقص، وينتهى إلى اتفاق بين الشركاء على ما فيه مصالح الوطن العليا.
ما نحن فيه من تخبط تعليمى يلزمنا بمراجعة تجارب عالمية سبقت إلى مضمار الإصلاح التعليمى، ونجحت. وفى هذا السياق، نُذكر بـ«صيحة ريجان» الشهيرة: «الأُمة فى خطر».. ومؤداه أمر رئاسى أمريكى إلزامى بإصلاح التعليم فى الولايات المتحدة الأمريكية.
«الأمة فى خطر» كان عنوان تقرير الرئيس الأمريكى «رونالد ريجان» فى عام ١٩٨٣، أفضى إلى تشكيل
«اللجنة الوطنية للتميز التربوى»، التقرير وقتئذ كان حدثًا بارزًا، زلزالًا فى قلب العملية التعليمية الأمريكية العتيقة.
التقرير جاء ملخصًا لتردى العملية التعليمية فى الولايات المتحدة، وجسّد شعورًا سريًّا بأن المدارس الأمريكية قد ضعفت وتأثرت بموجة من جهود الإصلاح المحلية والحكومية والفيدرالية.
وتشكلت للإصلاح التعليمى لجنة من ١٨ عضوًا ينتمون للقطاع الخاص والحكومى والتعليمى، وبنت اللجنة عملها على تقرير سلبى تمامًا يقول «إن النظام التعليمى فى الولايات المتحدة قد فشل فى تلبية الحاجة الوطنية للقوة العاملة التنافسية».
وتطلب من اللجنة تقييم «نوعية التعليم والتعلم» فى المرحلتين الابتدائية والثانوية ومستوى التعليم بعد الثانوى، العام والخاص، والمقارنة بين المدارس والكليات الأمريكية وتلك الموجودة فى الدول الأخرى المتقدمة.
ومن الصفحات الافتتاحية للمشروع نصًّا: «لقد تآكلت الأسس التعليمية الحالية فى مجتمعنا عن طريق الموجة المتصاعدة من الوسطية، التى تهدد مستقبلنا بصورة كبيرة كأمة وشعب وحكومة».. «وإذا حاولت قوة أجنبية معادية أن تفرض على أمريكا أداءً تعليميًّا متوسطًا مثلما هو موجود اليوم، فيُنظر إليها على أنها حرب».
هكذا تفكر الأمم الكبرى فى مستقبلها، أولًا ميثاق فى تقرير رئاسى، وتاليًا لجنة رئاسية مستقلة تمامًا عن وزارة التعليم تبحث الحالة، وتسبر أغوارها، وتُشخّصها، وتقترح علاجات جذرية ناجعة أقرب إلى جراحات عميقة، محسوبة المخاطر، تنتهى إلى التوقى من السلبيات التى تُقعدهم عن اللحاق بركب التقدم التعليمى.
أخشى أن تكون «فكرة البكالوريا» عَرَضًا لمرض تعليمى مزمن.. والمحزن أن كل ما يصدر عن الوزير
عبداللطيف من أفكار يُصادَر من فوره، مع لحن جنائزى بالترحُّم على ماضٍ تولّى، والحنين إلى أيام خلت. تخيّل.. يترحّمون على أيام الدكتور «طارق شوقى»، وكأنها لم تكن بالأمس.. وباءت بالفشل!!.