مقالات

حمدي رزق يكتب: تبرعوا لمستشفى المجانين!

حمدي رزق يكتب: تبرعوا لمستشفى المجانين!

حمدي رزق يكتب: تبرعوا لمستشفى المجانين!
حمدي رزق

المستشفى الوحيد الذى لا يطلب تبرعات مستشفى العباسية للصحة النفسية، عفوًا دكتور عكاشة (مستشفى المجانين) ولن أكررها مستقبلًا.

بحيرة التبرعات تسيطر عليها تماسيح ديناصورية ضخمة ولا تماسيح بحيرة ناصر، جمع التبرعات صناعة ضخمة ومعقدة يقوم عليها متخصصون فى إخراج الصدقات من جيوب المقتدرين.

الشاشات الفضائية تشهد منافسة شرسة على طلب الصدقات والتبرعات والزكوات من الطيبين لصالح المؤسسات والجمعيات والصناديق الخيرية والتنموية، لا تترك مجالًا للمستشفيات الحكومية، أو المستشفيات الصغيرة، معاك تمويل لحملة تنهال التبرعات، والباقى معها ربنا، يترجون الله فى وجبة طعام.

احتكار التبرعات والصدقات والزكوات وقسمتها على حوالى عشر جمعيات عملاقة، تملك موازنات إعلانية ضخمة، وتهيمن على نهر الخير، تغرف منه، وتعبُّ منه عبًّا، النهر كاد يجف من الغرف المفرط وسنويًا بالمليارات، خد من التل يختل.

تماسيح الإعلانات الراقدة فى النهر متربصة بالتبرعات، لم تترك قطرة تبل ريق عشرات الآلاف من الجمعيات والمؤسسات الخيرية ودور الرعاية وملاجئ الأيتام، نشفتها عليهم لدرجة أن الجمعيات المتوسطة والصغيرة باتت على شفا الإفلاس، وتعانى أزمات تصل إلى حدود عدم المقدرة على توفير الطعام والدواء للنزلاء، وهم بعشرات الآلاف. 

جمعيات ديناصورية عملاقة مفروضة علينا تقتحم بيوتنا بنفوذ الإعلانات الكثيفة ذات الموازنات الضخمة، وتستخدم نجوم الفن والدين، وجوه مسلسلات الصابون، وبرامج الهداية.

كل رمضان نفس الجمعيات بنفس الوجوه بنفس المشروعات الخرافية التى لا تنتهى أبدًا، وتستنزف تبرعات الطيبين عامًا بعد عام دون تقديم كشف حساب واحد، يُبَيِّن لَنا مَا هِى، إِنَّ الجمعيات تشابهت علينا.

طيب كشف حساب واحد يُبَيِّن لنا، كم جُمع فى كم سنة، وكم أُنفق على جمعه إعلانيًا، وكم صافى الإيرادات بعد تجنيب نسبة العاملين عليها، وما نسبتها، وكيفية توزيع الصدقات على مصارفها الشرعية أو الخدمية.

معلوم، «أخد الحق صنعة»، وكذا طلب التبرع فن ولقد برعوا فيه، إزاء مسلسل رمضانى مستدام، احتكاريون لا يتركون مساحة على الشاشة لجمعية جديدة بفكرة جديدة، صادروا التبرعات جميعًا، ويبحثون عن الصدقات، ويتشاطرون الزكوات، ربنا يستر على العشور، لاتزال خارج اهتمام جماعة تماسيح نهر الخير الجارى.

معلوم التبرعات كالماء المالح، كلما شربت ازددت عطشًا، ضخامة الحملات الإعلانية وثراؤها تؤشر على حجم التبرعات المرتقبة، يسيل لها اللعاب، نهر جارٍ من التبرعات، ما يحتم ضراوة المنافسة، صيد محتمل ثمين ومغر، ويستأهل الإنفاق الخرافى لاقتناصه، حجم الزكاة سنويًا يُقدر بـ٧٩ مليار جنيه فى تقديرات منشورة فى صحيفة «الأهرام» فى ٣٠ إبريل ٢٠٢١، ومنسوبة لمصادر من الثقات!

يقال، والله أعلم، إن الجنيه إعلانيًا فى رمضان يجلب عشرة جنيهات تبرعات، اللَّهُمَّ لا حسد، اللهم زد وبارك، يعنى تصرف مليون تحصد عشرة!!

بخلاف الجمعيات العشر المبشرة بالتبرعات، هناك عشرات الآلاف من الجمعيات تترجى الله فى حق غموس العيش الحاف، احتكار التبرعات أخطر أشكال الاحتكارات، أخطر من احتكار الحديد، الجمعيات تعملقت وصارت احتكارية، يستوجب مراعاة الجمعيات الضعيفة والكسيرة، أطعموا الفم، اللقم تزيح النقم.

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى