حمدي رزق يكتب: كرم عم جمال
كعادتى أعود قبل السحور إلى بيتى مشياً على الأقدام حتى عربة فول «عم جمال» على ناصية من نواصى الروضة القديمة، طلبت فول ومشتقاته الشهية التى يتقن صنعها عم جمال، وعند الدفع فاجأنى برد الفلوس، وقال الليلة بالمجان،كله بالمجان، غنى وفقير، لوجه الله.
كرم هذا المصري الطيب نموذج ومثال، الإحساس نعمة يهبها سبحانه وتعالى لعباده الأتقياء، من قوته وقوت أولاده يخرج صدقة لوجه الله، لا تتعجب، آيات من الكرم الشعبى ترويها الألسن، كل منا يصادف كرماً من حيث لا يحتسب،والكرم كرم النفس، والكرماء كثر، وأكثر ما يكونوا كرماء فى رمضان .
وبحق رمضان شهر الخير والجود والكرم، والمصريون يتفننون فى الكرم، شنط رمضان نموذج ومثال، حتى هذا النموذج الذى ابتكرته الذائقة الشعبية المصرية، تمثلته الحكومة فى احتفالية «كتف بكتف» التى حازت رضا الطيبين، دعك من فلاسفة الغبرة الذين ينسحب عليهم الوصف القرآني الحكيم، «مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ»، وينطبق عليهم الوصف الشعبي، لا منهم ولا فايض خيرهم !! .
تجلى الخيرية الشعبية فى رمضان، تكف المتعففين ذل السؤال، والطيبون فى مصر تحسبهم أغنياء من التعفف، وإكرام المتعففين من فاخر الصدقات والهبات، ومحتوى زكاة الفطر سد حاجة الفقراء والمساكين، وحتى أحكام الفطر فى رمضان،عن كل يوم إطعام مسكين، تشكل منظومة أخلاقية عنوانها الكفالة المجتمعية .
أعجب من يصف الخيرية التى بتنا عليها وتكف الفقير ذل السؤال بـ «التسول» وتصف شعبا كريما عفيفا بالمتسولين، وأنها لكبيرة فى حق هذا الشعب الذى نفر كرماء أهله لكفالة أهليهم.
هذا ليس بغريب ولا بعجيب، اقتداء بالأسوة الحسنة، « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود مايكون فى رمضان حين يلقاه جبريل ليلاً، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة»
جود عم جمال درس بسيط فى الخيرية، وكل يوم أصادف خيرين كثر، وفى حياتى قابلت كرماً من كرماء لا يوصف، الكرم هو أن تعطى ما أنت بحاجة إليه فعلاً، الكرم أن تكون للبذل فيما لا يتحدث عنه الناس، أسرع منك للبذل فيما يشتهر أمره بينهم.