مقالات

مأساة الحلّاق في عصر احتضار الأخلاق

مأساة الحلّاق في عصر احتضار الأخلاق

مأساة الحلّاق في عصر احتضار الأخلاق
أرشيفية

كتب / شريف محمد

صرخة أمّ: اتركوه..
دعوه..دعوه.. إنّهُ طالب بهذه المدرسة..
التفت الرجل القوي البِنية مفتول العضلات للأم الصارخة وقال بكل دهشة: ..أيُ مدرسة ؟!! ..إنّها مدرسة لغات لأولاد (الذوات )..!!!
قال الفرخ المرتعش في يد (الأمين):.. أُقسم بالله..أنا طالب هنا بالصف الثاني الثانوي..
…دعه يا سيادة الأمين…إنه ابننا..
كلمات كانت بمثابة طوق نجاة ألقاه الاختصاصي الاجتماعي ليُنقِذ الفتى الممزق السروال( كالموضة)،المُجعد الشعر المنسدل الخُصلات.
..سِرتُ في طريقي متسائلاً : ما الذي دفع( الأمين) للاعتقاد بأن الطالب (بلطجي) أو مشتبه به؟؟؟!!!…أشرتُ لحافلة صغيرةبالأجرة
( ميكروباص)… فإذا بالسائق شاب يحمل نفس قصة شعر الفتى الطالب .
…صعدتُ للسيارة وما أن نقدتُ السائقَ الأُجرة حتى توقَّف ليركب غلامٌ على مشارف الفُتوة ، برأس كأنه انتُزِع من فوق كتفيّ السائق ليُوضع بشعره وقصته الغريبة فوق رقبة الغلام.
… غادرت لِوجهَتي في إحدى المراكز التجارية الكُبرى لأجد الجميع يحملون نفس قصّة الشعر …
..ما هذا؟!! كيف هذا ؟!! ولماذا هذا ؟!!…
…وكيف رغم اختلاف مشارب شبابِنا اتفقوا على هذا المظهر ؟!!، الذي لا يعكس ما بداخل بعضهم من جَوهر .
الجمع مُجتمِع على كسر قيمة الأديان ، فهذا (القذع) ليس حراماً فقط في الدين الإسلامي ، بل مكروه كراهة شديدة في المجتمع المصري مسيحييه ومُسلميه .
..إنها (مأساة الحلّاق) الذي لا يملك أخلاق ، ولا تقل : ما ذنبه؟!! ، فلو رفض جميع الحلاقين هذه القصّات الشاذة مُجتمعياً لانقشعت غيمة هذه (الموضة ) المُحرّمة ، التي ساوت العارف بالجاهل ، وصاحب الرسالة بالعَالة.
..فكما للأطباء قَسَم، و على الصيادلة مسئولية ، و للمعلمين رسالة ، وعلى المحامين واجب ، فكذلك ( للحلّاقين) شَرف المهنة ، التي كان الأجداد لوقت قريب يُضيفون لها كلمة ( الصحة) لتكون( حلّاق الصحة) ، يفرض عليهم ذلك الشرف رفض الحِلاقات المُحرّمة والشاذة ، وتوجيه الشباب لأضرار هذه القَصّات التي تمسخ وجه الشارع المصري ، وتدفع بأبنائنا (لأتون) ثقافات مُحرّمة ديناً و عُرفاً .
..فكما لا يمكن للمُعلِّم انتقاص معلومة قد تأتي في الاختبار ،ولا يُمكن لصيدلي
صرف جَرعة خاطئة لمريض ،لأنهم مسئولون ومحاسبون أمام الله ، قبل أنفسِهِم …
فليتق ( الحلّاقون) يوماً يُرجَعون فيه إلى الله . فطالب تلك القصة مُذنِب ومُعاقب على ذنبهِ من ربه ، لكنه فرد، ..فهل يُطيق كُلّ حلّاقٍ الحساب أمام الله عن كلّ رأسٍ قذعها؟؟!!
..ولا ننكر ضعف قدرة البعض على رد ابنه عن ذلك ، لكن كم من آباءٍ جاهدوا وفشلوا . وكم أخشى أن يأتيَ ذلك اليوم الذي نسمع فيه أن أهالي حيّ ما أو مدينة ما هاجموا حلّاق فتكون ( مأساة حلّاق ..بلا أخلاق..) .

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: <b>Alert: </b>Content selection is disabled!!