الدين معاملةعاجل

الدوحة الحادية عشر ” الصيام والإخلاص ” بقلم : د. ياسر أحمد العز

الدوحة الحادية عشر ” الصيام والإخلاص ” بقلم : د. ياسر أحمد العز

الدوحة الحادية عشر " الصيام والإخلاص " بقلم : د. ياسر أحمد العز
د. ياسر أحمد العز

الصيَامُ لِجَامُ المُتقِينَ. وَجُنة الْمحَارِبِين. وَرِيَاضة الْأَبْرارِ وَالمقربِين. والنفوسُ محْتاجَة إِلَى تَروِيضٍ عَلَى الِاستِعْفاف. فِي زَمَنٍ ضَعُفت فِيهِ الْعِفة. وَاتبعتِ الشهْوَة. والعفيف لا ينقاد الي شهواته ولا يخضع لرغباته. بل يظبطها بما يصلح قلبه.  ويعز نفسه،  فليس وراء الإنقياد للشهوة إلا ذل النفس. وَتَدْنِيسُ الشرَفِ، وَإِرَاقَة الْحياء، فَفِي صِيَامِ رَمَضانَ تَروِيض النفس عَلَى الشَّرَفِ وَالْعِزَّةِ. وَحِفْظِ الْكَرَامَةِ، وَالِانتِصَارِ عَلَى الشهوَة.

لِأَن الصَّائِمَ يَمْتَنِعُ عَن شَهَوَاتِهِ بِاختِيَاره لِأَجْلِ مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهَا. وَهُوَ رِضا اللهِ تَعَالَى. وَلنْ تَجِدوا فِيمَن أَدْمَنُوا صِيَامَ النَّافِلَةِ منْ عِنْدَهُ شَرَاهَة في الْأَكْلِ، أَو يَمُد يَدَهُ بِالسؤَالِ.

المؤمن في رمضان: 

إن المُؤمِنُ المسْتفِيد مِنْ رمَضان يَقضِي أَغْلبَ سَاعَاتِه فِي الذكرِ وَالْقرْآنِ فَلَا يَبْقَى مِنْ وَقْتِهِ شَيْء لِلْقِيلِ وَالْقالِ. فَـ رمضان يروضُه عَلَى تشْغِيلِ آلَةِ اللِّسَانِ فِيمَا يَنْفَع، وَحَجْزِهَا عَمَّا يَضر. كَمَا أَنَّ سَبَبَ التَّسَابِّ وَالتشَاتمِ الْغضبُ وَالْخصومة، وَالمُؤمِن مَأْمُورٌ وَهُوَ صَائِمٌ بِأَنْ يَصْبِرَ عَلَى جَهْلِ الْجَاهِلِينَ. وَلَا يَرُدُّ شتَائِمهم بِمِثْلِهَا. بَلْ يقَابِلُها بِالْحِلْمِ وَالِاعْتِذارِ بِالصَّوْمِ؛ وَلِذَا كَان الصِّيَامُ وِقَايَة عَنْ جَهْلِ الْقَوْلِ وَجَهْلِ الْفِعْلِ. كَمَا قَالَ النبي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)الصِّيَامُ جنّة فَلاَ يَرْفث وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤ قَاتَلَه أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ.

(أَمَّا عِفةُ الْفَرْجِ فَتَتبَعهَا -وَلَا بد- عِفة الْعيْنِ وَعِفة الْأُذُنِ؛ لِأَن الْعَيْنَ والْأذنَ رَسولَا الْفَرْج، وَمحركَاهُ لِلشهْوة. وَقَدْ قَالَ النَّبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظه مِنَ الزنا، أَدْرَك ذَلِكَ لاَ محالة، فَزِنَا العَيْنِ النظر، وَزِنَا اللسَانِ المَنْطِق. وَالنفْسُ تَمَنى وَتَشتهِي. وَالفَرْج يُصَدق ذَلِكَ كُلهُ وَيكَذبه) إِذَا أَعَفَّ المُؤمِن فَرْجَه بِقنَاعَتِهِ بِزَوْجِهط، أَوْ بِصِيَامِهِ وَصَبْرِهِ إِن كَان عَزبا؛ كَان -وَلَا بُد- أَنْ تَعِف عَيْنُهُ عَنِ النظرِ إِلَى النساء. وَأَنْ يَعِف سَمْعُهُ عَن سَمَاعِهِن. وما يهيج عَليْهِن مِنَ المَعَازِفِ وَالْغِنَاءِ. وَإِلَّا لَكَانَ يُعَذبُ نَفسَهُ فِي نَظَرِهِ وَسَمْعِهِ، مَعَ عَزْمِهِ عَلَى عَدَمِ الوقوعِ فِي الْمحرمِ. وَهُوَ حَالُ كَثِير مِمنْ يُطْلِقونَ أَسْمَاعَهمْ وَأَبصارَهُمْ فِي الْمحَرماتِ، لَا يَسْتَفِيدونَ إِلَّا تَعْذِيبَ قلُوبِهِم بِمَا لَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ. وَهُوَ دَلِيل عَلَى أَن كَثِيرا مِنْهم إِنمَا مَنَعَه مِنْ كَبِيرَةِ الزنَا عَجْزُهُ عَنِ الْوُصولِ إِلَى مَنْ يَهْوَاهَا. وليس عفتة عنها،  فيعيش معذبا بالنظر اليها وسماعها 

رمضان سبيل العفة:

فَكَان صِيَام رمَضَان طَريقا إِلَى العفة، ويربي الصائم عَلَيْهَا. وما عَلَى الصائمِ إِلّا أَنْ يَسْتجن بِالصيَامِ. لانه جنة. فَيَحْفظ بصرَهُ وَسَمْعَهُ مِنَ الْفَضَائِياتِ التِي تَبُث كل خبيث يحَرك الشهوَاتِ. لِيَتَأتى لَهُ التّعَوّدُ عَلَى الْعِفة. فَلَا يَمْضِي رمضان إِلا وَقَدْ تَعَودَ عَلَى غَضِّ بَصَرِهِ. وحفظ سمعه وكبح جماح شهوته. لينال أعظم الجزاء ويكون حقيقيا بقول الرحمن سبحانه ” الصوم لي وأنا أجزي به “. يَدَعُ شَهْوَتَه وَأَكْلَهُ وَشرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصّوم جنة» وَمَا أَلَذَّهَا مِنْ حَيَاة! ومَا أَعلَاه مِنْ مَقَام!.

أن يدع العبد شهوته من اجل ربه سبحانه . فيتولي الكرم عز وجل جراءه.  فمن لايزيد من أهل الايمان. المعظمين لحرمات الله تعالي في رمضان. 

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى