إحتجاج الأبقار

كتب/ د. محمد الباز
النظام العالمي، المجتمع الدولي، محكمة العدل الدولية، تلك المصطلحات البراقة التي اعتدنا سماعها آناء الليل وأطراف النهار من قبل الإذاعات العالمية، تشعر كأنك أمام عالم محترم له مؤسساته وقوانينه العادلة، هيئات منظمة تخضع لسياسات واحدة لا تحابي أحد ولا تجابي فرد أو مؤسسة، تصدع رؤوسنا بسماع كلمة القانون الدولي كأن العالم يسير وفق عدل ونظام واحد يطبق على الجميع، لكن الحقيقة مختلفة تماماً عن هذا الكلام الخيالي، الواقع مغاير لكل ما زعمت به تلك المؤسسات، الظلم منتشر على أعلي درجة بل الكيل بمكيالين أصبح شعار تلك المؤسسات، نجد مجلس الأمن يهتم ويجتمع فى قضية ما و يشجب ويقلق فى قضية أخري، يأخذ إجراءات وعقوبات ضد دولة ما ويكتفي بالإدانة فقط ضد دولة أخري، نظام ظالم يشهد منذ أكثر من سبعين عاماً على احتلال عصابات لدولة كاملة ونهب ثرواتها بل وإحلال سكانها بأناس آخرين ليس لهم فى تلك الأرض من ناقة ولا جمل، ومع ذلك اغمض عيناه عن كل ما حدث، عانت فلسطين الحبيبة طيلة أكثر من سبعة عقود من تواطؤ هذا المجتمع الخبيث الذي سلمها على طبق من فضة لهؤلاء اللصوص كي يفعلوا فيها ما يحلو لهم وهو يقف يشاهد، يتابع ولا يتكلم، ذلك المجتمع وتلك المؤسسات التي تستفيق و تعاود النطق لو شاهدت أى قطر فى العالم يتبع منهج الله ورسوله، ترسل المراقبين وتأتي بالمحققين لتعرف ماذا يحدث، تحذر وتعلن عن قلقها بل تأمر بمعاقبة ذلك القطر وتصفه بالإرهاب في حين أن هناك كيان منذ عامين يضرب فى أربعة دول فى آن واحد، (غزة واليمن ولبنان وسوريا ) و يعترف بذلك علانية ولا يجرؤ ذلك النظام الظالم على إتخاذ موقف أو قرار، كيف بعد كل هذا مازال يصدقه العرب والمسلمون، كيف يحتفظ هذا النظام المتخاذل على مكانته أمام دول العالم وهو يسيطر عليه مجموعة من الدول البلطجية التي تتخذ من القوة شعار لها؛ بالتأكيد لن نعول علي هذا النظام الفاقد الأهلية وسيكون كل أملنا فى الله وحده أن يجد للأمة مخرج من ذلك الظلم البين؛
وسط حصار تم فرضه علي أبناء غزة طيلة عقود وتم إطباق ذلك الحصار وتركيزه فى فترة الحرب الأخيرة خرج من يعترض على هذا الحصار ويتحدي تلك القوة العاتية، خرج من ضرب بكلام وتوصيات تلك المنظمات عرض الحائط التي تطلب فى العلن إنهاء الحصار وفى السر هى أول من يمد هذا الكيان وتساعده، لم يفعل هذا التحدي ويعلن هذا الرفض دولة أو مؤسسات، لم تكن هيئة أو منظمات بل كانت أبقار !!
نعم كما أقول لك ولست أمزح حيث نجحت ٢٠٠ بقرة فى القيام بأكبر عملية رفض للظلم على مستوي العالم حيث تمكنت في الخروج من غلاف غزة والهروب إلي داخل القطاع كي تسلم نفسها طواعية لذلك الشعب المُحاصر الذى يبحث عن فُتات الطعام، خذل هذا الشعب العالم كله ولكن يأبي المولي عز وجل أن يتركه فيرسل له رزقه لحد عنده،
مساكين، محاصرين كانوا بالأمس القريب يبحثون عن ورق الشجر ليسدوا به رمقهم إذ بمائة رأس من الماشية تعبر خطوط العدو وتذهب بكامل إرادتها إلي هؤلاء المظلومين، بالطبع لم تتلخص قدرة الله فى هذا المشهد وذلك التحدي فقط !! بل سبقه انتشار الحرائق فى كافة أنحاء الكيان بشكل غريب وعجيب مما جعل تلك الأبقار تهاجر إلي داخل غزة!!
رسالة من ملك الملوك لهؤلاء الظالمين مفادها أن للكون رب يملكه ويسّيره، رسالة من العلّي القدير لهذا الشعب المغلوب علي أمره لو تركك العالم كله بذلك النظام العالمي الظالم لن يتركك رب الكون و خالقه، سيسوق لكم أسباب الرزق ولو على شكل قطع من النار ومئات من الأبقار،
ليعرف العالم كله أن هناك من هو أكبر من أمريكا ومن على شكلتها بمجرد أن تدخل ولو تدخل بسيط اشتعلت حرائق لم يشهدها أحد من من قبل، حرائق عجزوا علي إخمادها بل وتبعتها رياح عاتية نقلتها لعموم البلاد، شعر المواطنون بالخوف والهلع، قُطعت الطرق وخُرّبت المدن، شُرّدت الأهالي وحرموا من العودة لمنازلهم ( كما فعلوا مع أهل غزة) عقاب لو فكرت فيه مع القانون الدولي لم يكن يستطع أن يأتي بواحد فى المائة منه،
تجرعوا من نفس الكأس، كما احرقوا أهل غزة، أحرقهم الله وخرجوا بلا مسكن ولا مأوي،
بعد كل هذا تشابه الطرفان فى الحال ولكن حاشي لله أن يتشابهون فى المئال فإن كنتم تحرقون يا أهل غزة فهو يحرقون كما تحرقون ولكنكم ترجون من الله ما لا يرجون .






