عاجلعالم الفن

في ذكرى وفاة إحسان عبد القدوس.. تعرف على قصة حياته وقرار إعدامه

في ذكرى وفاة إحسان عبد القدوس.. تعرف على قصة حياته وقرار إعدامه

في ذكرى وفاة إحسان عبد القدوس.. تعرف على قصة حياته وقرار إعدامه
إحسان عبد القدوس

إحسان محمد عبد القدوس، (1 يناير 1919 – 12 يناير 1990)، هو كاتب وروائي مصري وأحد أوائل الروائيين العرب الذين تناولوا في قصصهم الحب البعيد عن العذرية، وتحولت أغلب قصصه إلى أفلام سينمائية. يمثل أدب إحسان عبد القدوس نقلة نوعية متميزة في الرواية العربية، إذ نجح في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية، وترجمت معظم رواياته إلى لغات أجنبية متعددة.

ولد إحسان عام 1919 في القاهرة، والده هو محمد عبد القدوس الذي كان ممثلاً ومؤلفاً مصريا ومهندسا للطرق والجسور، أما والدته فهي السيدة روز اليوسف وهي لبنانية الأصل ولدت في إحدى قرى لبنان، نشأت يتيمة إذ فقدت والديها منذ بداية حياتها، وهي مؤَسِسَة مجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير.

نشأ إحسان عبد القدوس في بيت جده لوالده (أحمد رضوان)، كان جده من خريجي الجامع الأزهر ويعمل رئيس كتاب بالمحاكم الشرعية، وهو بحكم ثقافته وتعليمه متدين جداً، يفرض على جميع العائلة الالتزام والتمسك بأوامر الدين وأداء فروضه والمحافظة على التقاليد ويمنع جميع النساء في عائلته الخروج إلى الشرفة بدون حجاب.


وفي الوقت نفسه كانت والدته الفنانة والصحفية السيدة روز، سيدة متحررة تفتح بيتها لعقد ندوات ثقافية وسياسية يشترك فيها كبار الشعراء والأدباء والسياسيين ورجال الفن.

بعد عامين من الزواج، انفصل والده محمد عبد القدوس عن زوجته روز اليوسف التي كانت حاملاً بإحسان في شهرها السابع، وبعد شهرين وضعت مولودها في مستشفى الدكتور سامي بشارع عبد العزيز في شهر يناير 1919، في نفس اليوم قرر جده الشيخ أحمد رضوان أن يتولاه بالتربية والعناية بدلًا من والدته التي قررت المضي في طريق الفن والشهرة.

نشأ إحسان في بيت جده حيث وجد صدرًا حنونًا يعطف عليه وهي عمته التي أحبته حبا شديدًا بلا حدود.
و كان إحسان ينتقل وهو طفل من ندوة جده حيث يلتقي بزملائه من علماء الأزهر ويأخذ الدروس الدينية التي ارتضاها له جده، ثم ما يلبث أن يجد نفسه في أحضان ندوة أخرى على النقيض تماماً لما كان عليه وهي ندوة روز اليوسف.

تحدث إحسان عن تأثير هذين الجانبين المتناقضين عليه فقال: «كان الانتقال بين هذين المكانين المتناقضين يصيبني في البداية بما يشبه الدوار الذهني، حتى اعتدت عليه بالتدريج واستطعت أن أعد نفسي لتقبله كأمر واقع في حياتي لا مفر منه» .

تلقى إحسان تعليمه في مدرسة خليل آغا بالقاهرة (1927-1931)، ثم في مدرسة فؤاد الأول بالقاهرة (1932-1937)، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وتخرج عام 1942، لكنه فشل في أن يكون محامياً، يتحدث عن فشله هذا فيقول: «كنت محامياً فاشلاً لا أجيد المناقشة والحوار وكنت أداري فشلي في المحكمة إما بالصراخ والمشاجرة مع القضاة، وإما بالمزاح والنكت وهو أمر أفقدني تعاطف القضاة، بحيث ودعت أحلامي في أن أكون محامياً لامعاً».

تولى إحسان رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف التي أسستها والدته وكان عمره وقتها 26 عاماً، كما تولى رئاسة مجلس إدارة المؤسسة بعد وفاة والدته عام 1958، لكنه لم يمكث طويلاً فقدم استقالته بعد ذلك، ويترك رئاسة المجلة لأحمد بهاء الدين، ويتولى بعدها منصب رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم مرتين: الأولى من عام 1966 إلى عام 1968 والثانية من عام من 1969 حتى 1974، ثم عين في منصب رئيس مجلس الإدارة إلى جانب رئيس التحرير في الفترة بين 1971 إلى 1974.

انتقل بعدها للعمل ككاتب بصحيفة الأهرام، وفي عام 1975 عُين رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام واستمر يشغل هذا المنصب حتى عام 1976، عمل بعدها كاتبًا متفرغًا ومستشارًا بالأهرام.
وكانت لإحسان مقالات سياسية تعرض للسجن والاعتقالات بسببها، ومن أهم القضايا التي طرحها قضية الأسلحة الفاسدة التي نبهت الرأي العام إلى خطورة الوضع.
وقد تعرض إحسان لمحاولات اغتيال عدة مرات، كما سجن بعد الثورة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر مرتين في السجن الحربي، احداها كانت من الفترة 28 أبريل 1954 إلى 31 يوليو 1954 بزنزانة انفرادية رقم (19) بسبب مقالة نشرها بمجلة روز اليوسف بعنوان «الجمعية السرية التي تحكم مصر» هاجم فيها مجلس قيادة الثورة، وأصدرت مراكز القوى قراراً بإعدامه.

كان لإحسان عبد القدوس دوراً بارزاً في صناعة السينما ليس فقط عن طريق الأفلام التي انتجت من قصصه ورواياته ولكن بالتي شارك في كتابة السيناريو والحوار للكثير منها، فقد كان على النقيض من الأديب نجيب محفوظ، فهو لم يكن يؤمن بأن صاحب العمل الأدبي الأصلي لا علاقة له بالفيلم أو المسرحية التي تعد من عمله الأدبي، فشارك في صياغه وكتابة حوار العديد من الأفلام مثل فيلم (لا تطفئ الشمس) للمخرج صلاح أبو سيف، كما كتب حوار فيلم (إمبراطورية ميم) الذي كانت قصته مكتوبة على أربعة أوراق فقط وأخرجه حسين كمال، وشارك كذلك الكاتبين سعد الدين وهبة ويوسف فرنسيس في كتابة سيناريو فيلم (أبي فوق الشجرة).

وصلت عدد رواياته التي تحولت إلى أفلام ومسلسلات قرابة ال 70 فيلم ومسلسل سينمائي وتلفزيوني، منها ما عرض ومنها ما لم يعرض ليتربع بذلك على عرش أكثر كاتب وروائي له أفلام ومسلسلات في تاريخ السينما والتلفزيون المصرية، ولا ينافسه في ذلك إلا الأديب نجيب محفوظ.

أخرج لإحسان عبد القدوس عدد محدود من المخرجين وصل إلى 16 مخرجاً، وقد كان نصيب الأسد منها للمخرجين حسين كمال وصلاح أبو سيف وحسام الدين مصطفى وأحمد يحيى. وهذا يدل على أنه لم يكن يتعامل مع أي مخرج يعرض عليه إخراج أعماله، بل يتعامل فقط مع من يثق في قدراتهم في استيعاب أعماله بصورة جدية وجيدة. وقد أخرج حسين كمال 9 أفلام من روايات إحسان عبد القدوس أولها فيلم (أبي فوق الشجرة) الذي اعتبر في وقته نقله جديدة في السينما الاستعراضية، ثم فيلم (أنف وثلاث عيون) من بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، وتلاها بتقديم فيلم (إمبراطورية ميم) الذي كان نقلة نوعيه جديدة في السينما المصرية، شهد عودة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وليخرج بعدها فيلم (دمي ودموعي وابتسامتي) من بطولة نجلاء فتحي ونور الشريف، وكذلك فيلم (بعيدا عن الأرض)، ومن ثم قدم فيلمين للنجمة نبيلة عبيد هما (العذراء والشعر الأبيض) والذي كان انطلاقه كبيرة للفنانة نبيلة عبيد في عالم النجومية و (أرجوك أعطني هذا الدواء)، وآخر ما قدم المخرح حسين كمال من أعمال إحسان عبد القدوس كان فيلم (أيام في الحلال).

وبالرغم من كمية الأفلام التي أنتجت من رواياته إلا أن هنالك جزء منها نجح نجاحاً باهراً في السينما المصرية مثل أفلام (لا أنام) وهو من بطولة فاتن حمامة وإخراج صلاح أبو سيف و (في بيتنا رجل) من بطولة زبيدة ثروت وعمر الشريف و (كرامة زوجتي) بطولة صلاح ذو الفقار وشادية وغيرها من الأفلام التي أثرت السينما المصرية. بالمقابل كان هنالك بعض الأفلام التي كتبها لم يكتب لها النجاح كما كان متوقعُا، بل وصفها بعض النقاد بأنها فشلت فشل ذريعاً.
يقول إحسان عبد القدوس:«أما الممثلات اللاتي استطعن أن يجدن تمثيل شخصيات قصصي في مقدمتهن كانت فاتن حمامة. فقد استطاعت أن تصور خيالي عندما مثلت دور (نادية) في فيلم (لا أنام)، وعندما جسدت دور (فايزة) في فيلم (الطريق المسدود)، وأذكر اني ذهبت يوما أنا ويوسف السباعي إلى الاستديو أثناء تصوير مشاهد من فيلم (لا أنام)، ووقفت أنا ويوسف السباعي مشدودين ونحن ننظر إلى فاتن حمامة، فقد كانت تشبه البطلة الحقيقية للقصة التي كتبتها، كذلك من أفضل اللواتي جسدن شخصياتي هن نبيلة عبيد ونادية لطفي ولبنى عبد العزيز وسعاد حسني».

فالممثلة نبيلة عبيد أدت له العديد من الأعمال، فوصفها النقاد بأنها كانت نقلة كبيرة في مشوارها الفني، حيث قالت نبيلة عن إحسان:” لقد كان سبباً في وجودي في عالم السينما، فلولاه لما كانت نبيلة عبيد فقد كان ينتقي لي أدواري، ويعطيني العديد من النصائح لذا فأنا ممتنة له.

توفي إحسان عبد القدوس في 12 يناير عام 1990.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى