كلمةالسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في البند الخاص بتغير المناخ والاقتصاد الأزرق
أصحاب الفخامة رؤساء الدول الحكومات،
السيدات والسادة الحضور،
شكراً على منحي الكلمة للتحدث لمرة ثانية خلال أعمال اجتماعنا اليوم، واسمحوا لي في مُستهل حديثي، في إطار هذا البند المهم، الذي يتناول الرابط بين تغير المناخ والفرص والتحديات التي يفرضها على محور التكامل الإقليمي، أن أعبر عن خالص التقدير لمشاركتكم في “قمة المناخ للتنفيذ” خلال فعاليات “كوب ٢٧” في نوفمبر 2022 بشرم الشيخ، والتي عكست التزام دولنا الأفريقية بالعمل متعدد الأطراف لمواجهة تغير المناخ.
وأود أن أشيد بجهد أخي فخامة الرئيس “وليام روتو” لقيادته لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المُناخ، متمنياً له التوفيق خلال استضافة بلاده لقمة العمل المناخي في سبتمبر القادم.
كما أتقدم بالتهنئة لأخي فخامة الرئيس “غزالي عثماني”، رئيس جمهورية جزر القُمر، على مبادرة “السور الأزرق العظيم”، كمبادرة رائدة للاستفادة من ثروات الاقتصاد الأزرق والتكيف مع تغير المُناخ، وبما يسهم في تعزيز التنمية، خاصةً في المناطق الساحلية.
السادة الحضور؛
تأتي قمتنا في توقيت يشهد فيه العالم جهوداً حثيثةً للتعامل مع الآثار الحالية والمتوقعة للأزمات المتعددة، بما لها من تأثير على قدرة الدول النامية، خاصةً الأفريقية، على تحقيق التنمية لمجتمعاتنا، وكذلك على الحفاظ على ما تم تحقيقه من نمو، فضلاً عن حالة عدم اليقين حول قدرة المجتمع الدولي بمؤسساته التمويلية، على توفير البيئة الدولية لتنفيذ التحول للاقتصاد الأخضر، أخذاً في الاعتبار ما نشهده من أزمات متشابكة ما بين الأزمة الأوكرانية، وأزمة الطاقة، ثم أزمة الغذاء والأسمدة، وتزامن ذلك مع زيادة ملموسة في الكوارث المناخية.
إن استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ (كوب 27)، كان من منطلق حرصها على المشاركة بفاعلية في صياغة وتيسير الجهد الدولي للتعامل مع تغير المناخ، ولتأكيد التزام القارة الافريقية بدفع أجندة العمل المناخي بتنفيذ توصيات العلم، بما يتناسب مع مبدأي الإنصاف والمسئولية المشتركة مُتباينة الأعباء، ويأخذ في اعتباره الظروف الوطنية للدول.
إن قارتنا الأفريقية من أكثر القارات تضرراً، نتيجة لتغير المناخ وتأثيراته، التي تتنوع ما بين تهديد للمناطق الساحلية، وازدياد حدة الجفاف والتصحر، وشح الموارد المائية، وهو ما يدعونا إلى النظر في إيجاد سبل مُبتكرة للتعامل معها، نظراً لمحوريتها في استقرار المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة.
السيدات والسادة،
على الرغم مما عكسته قمة شرم الشيخ من التزام بتعامل جاد مع تحدي المناخ، إلا أن ما يتم تنفيذه على أرض الواقع أقل من المطلوب، ولا يزال شركاء التنمية، بما فيها المؤسسات الدولية، غير قادرين على التجاوب المناسب مع احتياجات دولنا الأفريقية لتنفيذ عملية التحول الاقتصادي لإعادة توجيه قطاعات مثل الطاقة، والنقل، والزراعة، فضلاً عن تنفيذ الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية، وفي نفس الوقت تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في هذا الإطار، أود أن أقدم لكم رؤية مصر بشأن المحاور التي يتعين التركيز عليها خلال الفترة القادمة، وهي:
أولاً: توفير البيئة اللازمة للتنفيذ السريع لمشروعات، وبرامج مؤثرة، لخفض الانبعاثات من مختلف القطاعات، وتيسير النفاذ للطاقة المتجددة.
ثانياً: صياغة مسارات وبرامج عادلة للتحول في مختلف المجالات.
ثالثاً: التركيز على مبدأي العدالة والإنصاف، بحيث يراعي التحول المطلوب، الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، ويتجنب الإجراءات الأحادية ذات التأثير المباشر على تدفقات التجارة الدولية، وبصفة خاصة صادرات الدول النامية والافريقية.
رابعاً: تحقيق العدالة المناخية، وتفعيل ترتيبات التمويل وصندوق الخسائر والأضرار، وتمويل التكيف، مع الاعتراف بما تتحمله الدول الأفريقية، من تكلفة لدعم مجتمعاتها في مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.
خامساً: تعزيز التعاون الإقليمي لضمان تطوير قدرات الحفاظ على النظم البيئية المشتركة، وضمان الاستفادة المتكاملة بين الدول ولاحتواء أية آثار سلبية عابرة للحدود.
سادساً: توفير البيئة الدولية الداعمة واللازمة للتنفيذ، وبصفة خاصة التمويل الميسر والمناسب، وتعزيز النفاذ إليه، مع ضمان تناغم ذلك مع الملكية الوطنية، وألا يؤدي ذلك إلى خفض التمويل اللازم للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.
سابعاً: التعامل الفعال مع تحدي المديونية وارتفاع تكلفة التمويل، بما في ذلك اللجوء للحلول المبتكرة مثل آليات تبادل الديون، ومراجعة وشطب الرسوم والفوائد الإضافية.
السيدات والسادة،
لقد قدمتُ لكم رؤية مصر بشأن المحاور التي يتعين التركيز عليها، في إطار جهدنا المشترك، للتعامل مع التحديات المناخية، وإنني لآمل أن يتم الاستمرار في العمل على ترجمة تلك التوصيات إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، حيث قامت مصر إيماناً بذلك، بإطلاق عدد من المبادرات حول موضوعات المياه، والتكيف والزراعة، والطاقة، والهيدروجين، والتنوع البيولوجي، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، ومن بينها مبادرة “حياة كريمة لأفريقيا”، ومبادرة “المنتدى العالمي للهيدروجين المتجدد”، والتي أدعوكم إلى الانضمام إليها.
ختاماً، فإنني على ثقة، في أن القمة المقبلة في دولة الإمارات العربية المتحدة ستكون خطوة ملموسة في المسار المُنصف والعادل لحماية الكوكب من التداعيات الكارثية لتغير المناخ، وأتطلع إلى التعاون معكم جميعاً حتى تستمر الدول الأفريقية والدول النامية في توجيه الأجندة الدولية باتجاه تعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحدي الوجودي، الذي يمثله تغير المناخ.
وشكراً.