أمي غيرت عنوانها.. بقلم: سهير مجدي
في سوق القرية يوم الخميس، كنت أبحث عنك بين النساء لعلي اراك يا أمي ولم أجدك. فتذكرت إنك سافرتي للسماء أمس، وجثمانك الطاهر قد وارى الثري، أعلم إنك لم تموتي ولكنك قد غيرتي عنوانك.
فأخذت أدقق بين الوجوه لعلي أرى وجهك في إحدهن، وجدت من تمتلك عيناك وأخرى ابتسامتك، وتلك نظراتك ولا أجدك أبداً، من يتميز بكل صفاتك مثلك؟
فأنتي فريدة في كل شيء ، نعم لا يمكن أن أجدك لك مثيل ولكني أطمئنيت فعندما أشتاق لكي سأبحث عنك داخلي، سأراك في كل نساء الأرض ،
نعم لا يوجد أحد يغنيني عنك أو يملئ فراغك،
برحيلك رحلت عني الحياة.
وقفت مكاني أتذكر ذكرياتنا معآ وابتسامتي يغلفها الدمع، كيف سأعود للمنزل ولا أجدك . من سيعاتبني على تأخيري؟ من سيضمني عند عودتي؟ تسارعت الذكريات تليها الأسئلة ولا مجيب.
تذكرتك عندما قولتي لي أعلم إنك كبرت ولكنك ستظل إبني الصغير المدلل سيأتي يوم تتذكر فيه حديثي هذا، نعم ياأمي أتي هذا اليوم وياليته لم يأتي وبالفعل متذكر، نعم لم أكن مدركآ حينها ولكني أدرك الآن.
إنها مشاعر مختلطة لا أستطيع وصفها ولكنها متضاربة.
كم أتمنى أن تعودي لكي أقضي وقتي معك، اتلمس أنفاسك، أسمع نبضات قلبك ، فصوتك يعلو بداخلي.
كل هذا ولم يمضى على فراقك بضع ساعات فكيف أمضى في دربي وحدي بدونك؟
ذهبت راكضآ إلى المنزل لكي استشعر وجودك، ظللت اتفحص الأركان، فهنا كنا نجلس، وهنا كنتي تعدي لي أشهى المأكولات، وهناك كنتي تهتمي بي وأنا مريض.
سأظل أحادثك واحاكيكي ماحييت، سأظل أسرد لكي تفاصيل يومي كما أعتادنا، وعندما اتزوج وأنجب سأحكي لأطفالي عنك.
وعندما يتسألون عنك سأقول كانت ملاك فسكناها الآن السماء، سأقول لهم لم تموت أمي ولكنها قد غيرت عنوانها. سأحكي وأحكي عن وطني عن ” أمي “.