اكتشاف المتسبب في حادث قطار سوهاج والعقوبة رادعة
كتب : د/ أحمد مقلد
جاءت كلمات بيان فخامة الرئيس السيسي لتحمل في طياتها صدق التوجه للوصول لمرحلة جديدة من التغيير والتحديث لمنظومة السكك الحديدية مع التوجيه بمحاسبة المتسبب وهذا نص البيان: “تابعت عن كثب الحادث الأليم الذي شاهدناه اليوم بتصادم قطارين في محافظة سوهاج. إن الألم الذي يعتصر قلوبنا اليوم، لن يزيدنا إلا إصرارا على إنهاء مثل هذا النمط من الكوارث ولقد وجهت رئاسة الوزراء وكافة الأجهزة المعنية بالتواجد بموقع الحادث والمتابعة المستمرة وموافاتي بكافة التطورات والتقارير المتعلقة بالموقف على مدار اللحظة.
على أن ينال الجزاء الرادع كل من تسبب في هذا الحادث الأليم بإهمال أو بفساد أو بسواه، دون استثناء ولا تلكؤ ولا مماطلة. وإنني إذ أتوجه بكامل العزاء لأسر الشهداء الذين لقوا ربهم اليوم، أقدم لأسر المصابين كامل المواساة والدعم وأمنياتي بالشفاء العاجل إن شاء الله. وأوجه الأجهزة المعنية باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة وتوفير التعويض اللائق لأسر الشهداء والضحايا.
وقد تزامن هذا البيان عقب حادث اليوم بمحافظة سوهاج ما بين قطارين والذي نتج عنه انقلاب ثلاث عربات وعدد كبير من الإصابات والوفيات وهذا الحادث يفرض نفسه ليظهر حقيقة لا يلتفت إليها القائمين بتنفيذ رؤية الدولة مما ينعكس وبشكل سلبي على ظهور تلك الخدمات المقدمة.
تجربة حقيقية
وعن تجربة حقيقية حدثت لي في تاريخ سابق خلال ذات شهر مارس وفي أثناء سفري في القطار ٩٨٨ والمتجه من القاهرة إلى أسوان وكان محدد له السفر في حدود الساعة ١١:٢٠ ليقلع من محافظة المنيا فتأخر عن موعده بمقدار ساعة وربع وتلاه حضور القطار ٨٨ والذي تأخر بمقدار حوالي ساعة وربع أخري.
ومع مرور الوقت لمن ينتظر حضور هذا القطار كان ينتشر الصمت والتذمر بين منتظري حضور هذه القطارات المتأخرة عن موعدها، ولكوني لست معتاد السفر بكثرة فقد جمعتني محادثة حوارية طويلة مع من تواجد بجواري وشاركني في انتظار القطار على الرصيف المخصص له وقد أحاطنا مرارة التأخير فكلا منا سينزل في محطة مختلفة، ولكل منا سعيه وترتيباته والتي تلاشت مع تأخر حضور تلك القطارات عن موعدها وبلا إعلان عن أسباب التأخير أو إيضاح موعد تقريبي للحضور.
ولكون هذا الشخص الذي بدأت معه الحوار قد كان معتاد السفر فقد أخذ يحدثني عن مميزات السكة الحديدية وما طرأ عليها من تحديثات فنية في القطارات وتلاها تحديث في الخدمات ولكنه كان متعجباً وبشدة من ذلك التأخير والذي بوصفه قد زاد قليلا عما هو معتاد عليه وحدث على حد وصفه معجزة أخرى فقد توقف قطار النوم في محافظة المنيا رغم أنها ليست محطة توقف له، ولكن والله أعلم أن سبب هذا التأخير سيظل مجهول لنا وغير مبرر ولكن يبقي لنا أن نستمر في أن إنتظار ظهور أي إشارة لوصول القطار.
رؤية الدولة للتغيير
وفي ظل رؤية الدولة للتغيير والتحديث لبنية السكك الحديدة على أسس علمية ومعرفية وجب استكمال ما ينقصها وإشراك المواطنين في معرفة مواعيد التقاطر، والتي ربما تنعكس على انضباط مواعيد الإقلاع والوصول، كما أني لاحظت سلوكيات بشرية تستحق المعاقبة ولكني لم أجد من يمنعها.
فقد كان عمال النظافة ينتشرون بين قضبان السكك الحديدة وحتى لحظات وصول القطارات لرصيف انتظارها مما يعرضهم لخطر الإصابة او الوفاة لذا وجب توفير الية معينة لمنع القاء القمامة ومعاقبة من يتسبب في تلك الظاهرة سواء الفاعلين أو المقصرين في المتابعة، كما وجدت من ينتظر لحين اقلاع القطار ممن يتسلل ليصعد في خلفية اخر عربة لينزوي خلف باب اخر عربة وبعيدا عن السؤال عن التذاكر او المتابعة لذا وجب منع دخول الأرصفة الا لمن يمتلك تذكرة وما عداه يحظر تواجده على رصيف القطار.
ومع بداية رحلة عودتي تغيرت وجهة نظري فقد كانت رحلة ممتعة لكون القطار من أسوان إلى القاهرة رقم ٢٠١٥ والذي لمست فيه الفخامة وحسن الأداء والنظافة ودقة المواعيد لدرجة تتعجب منها فهو يشبه في فخامته ودقته ما نتشدق به في دول أوربا من ناحية الخدمات المقدمة للمسافرين حيث يتم توفير سرفيس بالأطعمة طوال الرحلة وبشكل محترم وهناك متابعة أمنية وتفتيشية لضمان سلامة القطار وعدم وجود إشغالات في الطرق وانتظام جلوس الركاب في أماكنهم وضمان حجزهم وتطبيق القواعد المنظمة لهذا الشأن وبكل ذوق وأخلاق كريمة.
هيئة السكك الحديدية
ويؤكد وجهة نظري ما كشفت عنه (هيئة السكك الحديدية) في بيان لها أنه “أثناء مسير قطار ١٥٧ مميز الاقصر الاسكندرية ما بين محطتي المراغة وطهطا تم فتح بلف الخطر لبعض العربات بمعرفة مجهولين، وعليه توقف القطار، وفي هذه الاثناء وفي تمام الساعة ١١:٤٢ تجاوز قطار ٢٠١١ مكيف اسوان القاهرة سيمافور ٧٠٩ واصطدم بمؤخرة اخر عربة بقطار ١٥٧ مما ادى الى انقلاب عدد ٢ عربة من مؤخرة قطار ١٥٧ المتوقف على السكة وانقلاب جرار قطار ٢٠١١ وعربة القوى مما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات والوفيات”.
ومن هذا المنطلق لا أعتقد أن الدولة مقصرة ولا أقبل التجريح في جهد الوزارة والقائمين عليها وعلى إدارتها ولكنها يا سادة دعوة للتغيير للأفضل فيما لم يستكمل من أجزاء تحتاج للإصلاح سواء من خلال متابعة سلوكيات المواطنين ومعاقبة المخطئ، مع الأخذ بالأسباب نحو توفير بنية معرفية للمتعاملين من خلال لوحات إلكترونية بمحطات السكك الحديدية تحمل مواعيد القطارات، و ربطها إلكترونياً بمواعيد وصول القطارات وبين صاحب التذكرة من خلال تطبيق إلكتروني يُعلمه بموعد الوصول وزمن التحرك وفي حالة العطل يتم الإعلام بسبب التأخير والزمن المتوقع للإصلاح، وهي أشياء بسيطة تحتاج للتغيير ولكنها مؤثرة في بنية الأداء فلا تجد لوحات إلكترونية لمواعيد القطارات ولا إعلام بأسباب التأخير وهذا ليس مؤشر إيجابي.