مقالات

الأباء قتلة الأبناء.. بقلم: د. مني سيد حماد

الأباء قتلة الأبناء.. بقلم: د. مني سيد حماد

الأباء قتلة الأبناء
د. منى سيد حماد

كتبت: د/ منى سيد حــمّاد

عندما نرى أو نسمع عن أب يقتل إبنه بطريق الخطأ ودون إرادته في موت إبنه ، أو أم تهمل في رعايه إبنتها أو تغفل عن إبنها مستغرقة فى ترتيب وتنظيف البيت فيقع من دور عالي أو يقع من سرير نومه فتخبط رأسه فيموت .

هذا كله جائز ووارد لأنه في الحقيقة غير مقصود وغير متعمد ولا ذنب للأب ولا ذنب للأم ولأنه قدر بيد الله تعالى. ولكن الفجيعة الكبرى أن نسمع عن أب يقتل إبنه أو أم تقتل إبنتها أو أشتركا معا لقتل أبنائهم متعمدان . والسؤال هنا ما هذه الأفعال التى لا يقبلها العقل ولا المنطق والتي نهى عنها الله تعالى ورسوله الكريم صل الله عليه وسلم وما الدافع الى ذلك ألا أنهم كانوا مغيبون أوأنهم فقدوا إحساس الأبوة والأمومة عندما يمسك أب مسن بمسدس و يقتل إبنه والذي يبلغ من العمر الخمسين عاما بسبب تافه وهو عدم إحضار مصباح السلم وقتله بستة رصاصات أمام أبنائه وأمام الجميع وهذه الحادثه حدثت بمنطقة الزاوية الحمراء والأب في كامل وعيه .

وحالة قتل أخرى : زوج وأب ينزل إلى العمل بعد أن تشاجر مع زوجته مشاجرة عادية يمكن أن يوجد مثلها في أي بيت … فيخرج إلى العمل وتخرج الزوجة بعده بساعتان وتترك طفلها الرضيع وتذهب لبيت أهلها… ويرجع الزوج البيت بعد فترة عمله والتي بلغت خمسه عشر يوما مسافراً خارج المحافظة ليجد الصدمة المفجعه … إبنه الرضيع قد فارق الحياة وجسده قد تحلل من طول فتره غياب الأب والأم معا .

وأيضا حاله أخرى : زوج يخرج للعمل في الصباح ويرجع ليجد إبنه الرضيع ميت ومضروب بالريموت كنترول على رأسه ويجد الدماء في كل مكان وفي نفس الوقت عدم وجود الأم فى المنزل .. ماذا حصل ولماذا إختفت لا أحد يعلم شيئا .

وأب آخر يوثق إبنه الصبي بالحبال ويضربه ويستمر فى تعذيبه إلى أن يموت بين يديه .

كل هذه الحالات تجمعهم صفه واحدة وهي عدم السيطرة على العقل الذي هو زينه الإنسان … وأين ذهبت غريزة الأمومه وغريزة الأب الذي يخاف على أولاده وأين هي الأم التي لا تسعد إلا بسعادة أبنائها. ويتحدث في هذا الموضوع فضيلة الشيخ “أحمد غنام” إمام وخطيب الجمعيه الشرعية الرئيسية بوزارة الأوقاف .. يقول الشيخ يقول الله تعالى {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } ويقول رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم “تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم” … ويحدثنا الشيخ يأتي في القرآن الكريم مثل هذه المواقف فمثلا أبو سيدنا إبراهيم الذي حاول قتل إبنه ويرجمه ورد عليه سيدنا إبراهيم ويقول سأستغفر لك ربي ,والله سبحانه وتعالى وصى الأبناء على الآباء ولم يوص الآباء بالأبناء لأن من الطبيعي الرحمة مفطورة ومركزة في قلب الأباء والأمهات .

وسيدنا إبراهيم عند ذبح إبنه كان أمر من الله سبحانه وتعالى . ومجرد الدعاء على الأبناء نهى عنه نبينا ورسولنا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم فقال لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أبنائكم فلعلها ساعة إجابة فيستجيب الله تعالى .

فما بالكم من قتل الأبناء هذا من نوع الرحمة والإنسانيه من قلب الأب أو قلب الأم فأين هي الرحمة وسيدنا الخضر عندما قتل الغلام فكان بأمر من ربنا سبحانه وتعالى لقوله {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} وسيدنا نوح عليه السلام مع أن إبنه قد كان كافراً وإنما كان يتوسل لله سبحانه وتعالى أن يرحم إبنه فيقول الحق سبحانه قَالَ ” يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍۢ ” ويقول الله تعالى “وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا” أما عن قتل الإبن أو البنت هذا شيء مشين ومفزعاً حتى في العالم الغربي لا يفعلون مثل هذه الجرائم الموحشة .

و مجتمع المسلمين لابد أن يتوافر فيه التعاطف في التواد والرحمة وخصوصاً في الأسر الزوج والزوجه والأولاد وذوي الأرحام عامة .

وإنتشار الجرائم لا يأتي إلا في البعد عن منهج الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم والأمر مشروط بالرجوع إلى الله تعالى لقوله : “ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “

زر الذهاب إلى الأعلى