مقالات

الإعلام وبناء جبهة داخلية صلبة لمواجهة المخاطر الجيوسياسية

الإعلام وبناء جبهة داخلية صلبة لمواجهة المخاطر الجيوسياسية

الإعلام وبناء جبهة داخلية صلبة لمواجهة المخاطر الجيوسياسية
الإعلامي أيمن عدلي

بقلم : أيمن عدلي

في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية الراهنة، تواجه الدولة المصرية تحديات جسيمة وغير مسبوقة تهدد أمنها القومي واستقرارها .. هذه المخاطر تتنوع بين التدخلات الخارجية، والتوترات الإقليمية، ومحاولات زعزعة الاستقرار الداخلي، وهو ما يجعل دور الإعلام ضرورة وطنية لتشكيل جبهة داخلية قوية، قادرة على الصمود أمام هذه التحديات.

ففي الوقت الذي تشهد فيه ساحات الإنترنت منصات تعج بالشائعات والأخبار المضللة، يتحمل الإعلام مسؤولية كبيرة في التصدي لهذه الحملات التي تهدف إلى إضعاف الثقة بين الدولة والمواطنين، فالإعلام هنا ليس مجرد وسيلة نقل للأخبار، بل هو سلاح دفاعي يعمل على كشف الحقائق ودحض الأكاذيب التي تروجها قوى خارجية تسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي.

وبدون شك أن المعركة ضد التضليل الإعلامي ليست معركة تقليدية، فهي تتطلب احترافية ومصداقية ووعياً إعلامياً عالياً ، حيث الإعلاميون مطالبون بتحري الدقة وعدم الانجراف وراء السبق الصحفي على حساب الحقيقة، مع تقديم محتوى يرسخ مفاهيم الولاء والانتماء، دون المساس بحق المواطن في الحصول على المعلومة.

تعزيز الوعي الوطني:

أرى أن الإعلام له دور محوري في بناء وعي وطني متماسك، عبر تسليط الضوء على التحديات التي تواجه البلاد، وكيفية مواجهتها ، فالشفافية هنا هي المفتاح ويجب أن يكون المواطن شريكاً في عملية مواجهة هذه التحديات وليس مجرد متلق للأخبار.

ومن خلال البرامج الحوارية، والتقارير الميدانية، والندوات التلفزيونية، يمكن للإعلام أن يشرح للمواطنين خطورة المخاطر التي تحيط بالدولة، مثل النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط، ومحاولات قوى كبرى فرض أجندتها على المنطقة، كما يجب أن يتناول الإعلام قصص النجاح والإنجازات الوطنية التي تحققها الدولة في مختلف المجالات لتكون دافعاً للتفاؤل والثقة بالمستقبل.

الإعلام كمنصة لحوار داخلي بناء:

التماسك الداخلي لا يتحقق إلا بالحوار، وفي هذا السياق يلعب الإعلام دوراً مهماً كجسر يربط بين القيادة والشعب من خلال فتح قنوات تواصل فعّالة مع مختلف فئات المجتمع، حيث يمكن للإعلام أن يعبر عن تطلعات المواطنين وينقل صوتهم إلى صانع القرار، وفي الوقت ذاته يشرح للمواطنين طبيعة التحديات التي تواجهها الدولة والسياسات المتبعة لمواجهتها.

هذا الحوار يعزز الشعور بالوحدة، ويخلق كتلة صلبة من المواطنين الذين يشعرون أنهم جزء من الحل وليسوا مجرد متفرجين.

الإعلام كحافز للالتفاف حول القضايا الوطنية في أوقات الأزمات، يبرز الإعلام كمنصة جامعة تجمع المواطنين حول قضاياهم الوطنية ، فمن خلال التغطية الموضوعية والمهنية يستطيع الإعلام أن يعزز روح التضامن ويشجع على الاصطفاف خلف الدولة في مواجهة التهديدات الخارجية، مثل النزاعات على الموارد الطبيعية أو التدخلات في شؤونها الداخلية.

إحدى أبرز التحديات التي تواجهها مصر في هذا السياق هي قضية الأمن المائي وسد النهضة، وهي قضية وجودية تستدعي وحدة الصف الداخلي ، وهنا يجب أن يلعب الإعلام دوراً توعوياً وتعبوياً يوضح أهمية هذه القضية، ويحث المواطنين على دعم الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تبذلها الدولة.

وخلاصة القول .. وفي عالم يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، يصبح الإعلام أكثر من مجرد ناقل للأخبار إنه درع الوطن وصوت الشعب، وعلى الإعلام المصري أن يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد.

فمن خلال التصدي للشائعات، وتعزيز الوعي الوطني، وفتح قنوات الحوار، يمكن للإعلام أن يكون القوة الدافعة نحو تماسك الجبهة الداخلية، ليقف المصريون صفاً واحداً في وجه التحديات الجيوسياسية الكبرى.. فالإعلام الوطني هو الحصن الذي يحمي مصر من الداخل، لتبقى قوية صامدة أمام كل محاولات النيل من استقرارها وسيادتها.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى