الدراما والوعي الوطني بقلم: الكاتب الصحفي والناقد السينمائي: أشرف غريب
سألتنى الإعلامية الناجحة رانيا هاشم مقدمة برنامج “مانشيت” على فضائية إكسترا نيوز عن علاقة الدراما المصرية بمخاطبة وعي المواطن والرسائل التي تقدمها على خلفية المسلسلات الأخيرة التي عرضتها الفضائيات المختلفة ، فكانت إجابتي أن أشد ما أسعدني أنا شخصيًا أن الدراما المصرية ذاتها هي التي بدأت تسترد وعيها بأهمية الدور الذي تلعبه فى إزكاء الشعور القومي بالانتماء للوطن وتبصير المواطن البسيط بالمخاطر التي تتعرض لها مصر داخليًا وخارجيًا، فإذا كان الترفيه أو التسلية هدفًا مهمًا بل ونبيلا أيضا للأعمال الفنية فإن هناك مهاما وأدوارا أخرى تقاعست عنها الدراما المصرية تحديدًا خلال السنوات الماضية ، وها هي اليوم تستعيد دورها البارز فى هذا الإطار سواء على مستوى الدراما السينمائية أو الدراما التليفزيونية ، فبعد فيلم ” الممر” للمخرج شريف عرفة قبل عامين ، ومسلسل ” الاختيار 1 ” العام الماضي من إخراج بيتر ميمى ها هي الوجبة المجهزة قد زاد تركيزها هذه السنة وزادت معها فوائدها الفنية والمعنوية ، وذلك من خلال ثلاثة أعمال تليفزيونية عرضتها الشاشات المختلفة فى الفترة الأخيرة هى : هجمة مرتدة ، الاختيار 2 ، والقاهرة كابول .
وأبرز ما يميز هذه الأعمال الثلاثة فضلًا عن مستواها الفني المرتفع الذى جعل منها أعمالا جاذبة للمشاهد بصرف النظر عن الرسائل المباشرة التي تحملها هي الطبيعة التكاملية لتلك الأعمال فإذا مددنا كل الخطوط على استقامتها بين المسلسلات الثلاثة أدركنا أن الإرهاب بلا وطن أو جنسية ، وأن مصالح أعداء مصر – على تعددهم – فى الداخل والخارج تتصالح من أجل الإضرار بها ، وأن وراء الجماعات والمنظمات التي تنفذ تلك المخططات كيانات ودول تمولها وتحركها وتخطط لها وتتوق شوقًا لليوم الذي ترى فيه مصر مثل كثير من بؤر الصراع من حولنا ، لكن أجهزتنا الأمنية على أختلاف مستوياتها ومسمياتها تثبت دائما يقظتها لتلك المخططات ، وقدرتها على إجهاضها ، والتصدى لها ، وحماية أمن مصر داخليًا وحدوديا ، ما يبعث على الثقة بأعيننا الساهرة على أمن الوطن ، والفخر بالكفاءات المخلصة من أبناء مصر الذين يضعون أرواحهم دائما على المحك وعلى أتم الاستعداد فى كل وقت لبذلها من أجل الحفاظ على استقرار هذا الوطن وأمنه وسلامة مواطنيه ، وهي رسالة طمأنينة بالغة الأهمية كانت دراما هذا العام حريصة عليها ، وأظن أنها نجحت فى وصولها إلى عقيدة كل مواطن على أرض مصر .
وأجزم أنه كان تحديًا كبيرًا أمام صناع هذه المسلسلات في الجمع بين تماسك البناء الدرامي وجودة المنتج المرئي من جانب ، وبين الرسائل الهامة التي حملتها تلك الأعمال دون الوقوع فى فخ السطحية ، وأثبت صانعوها وبخاصة المخرجون
أحمد علاء الديب ( هجمة مرتدة ) وبيتر ميمى ( الاختيار 2 ) وحسام على ( القاهرة كابول ) قدرتهم على تقديم أعمال درامية راقية تجمع فى آن واحد بين المتعة ومخاطبة الوعي الجمعي لدي المواطن المصري والعربي أيضا .