الدين معاملةعاجل

الدوحة التاسعة عشر ” رمضان و زكاة الفطر ” بقلم : د. ياسر أحمد العز

الدوحة التاسعة عشر ” رمضان و زكاة الفطر ” بقلم : د. ياسر أحمد العز 

الدوحة التاسعة عشر " رمضان و زكاة الفطر " بقلم : د. ياسر أحمد العز
د. ياسر أحمد العز

لقد أرسى الإسلام أعلى مبادئ التكافل الاجتماعي بين البشر جميعًا لا بين المسلمين وحدهم. عندما أمرهم بتزكية أموالهم وإنمائها وتطهيرها مما قد يشوبها من معاملات تحمل في طياتها شبهة حرام أو مكروه، … إن تشريع الإنفاق في سبيل الله -تعالى- بالزكاة الواجبة أو الصدقة المستحبة. يستحق عن جدارة أن يكون إعجازا إسلاميا في حد ذاته، ذلك أننا إذا حاولنا جاهدين استقصاء فوائده على المجتمع -وعلى الفرد لضاق بنا المجال. ذلك أن الفقراء الذين لا يجدون حيلة للرزق لابد لهم من عائل يتكفل بالإنفاق عليهم. ولا يجوز تركهم هكذا دون راعٍ أو منفق يحتسب إيصال أرزاقهم التي كتبها الله تعالى إليهم. بل ويبذل من وقته وجهده أحيانا لشراء ما يحتاجونه ليصلهم وهم معززون مكرمون لا يسألون الناس إلحافا وهذا -لعمري- أعجب ما في الصدقة. أن صاحبها لا يبذل في تحصيلها مجهودًا يذكر -هذا فيمن يستحقها حقا.

فسبحان من كتب على الغني أن يعمل ويتعب ويكد ليطعم الفقير ويرزقه من مال الله الذي آتاه. إن هذا التشريع يقتل الأحقاد الطبقية. التي قد تنبت في قلوب الفقراء تجاه الأغنياء، عندما يجد الفقيرُ الغنيَّ يتخلله بالزيارة. ويفيض عليه من نعم الله التي أنعم الله بها عليه، ويرزقه من مال الله الذي جعله مستخلفًا فيه. فإن ذلك يقتل الضغينة والحسد ومشاعر الكراهية في قلب الفقير. وينشأ حينها مجتمع متكافل، خال من الأمراض المجتمعية المتعلقة بالمال. فلا الفقير يقتل الغني حسدا. ولا نَفْسَه بطرًا، ولا الغني يقتل الفقير كبرًا وتباهيًا وتبخترا، فكلاهما يشعر بالآخر، فالفقير يشعر بحنو الغني، وعطفه، وجوده. والغني يشعر بحاجة الفقير. واستكانته، وضعفه، فيورثه ذلك تواضعًا واعترافًا بنعمة المنعم -جل وعلا-. وليس وراء ذلك تكافل خدَّاع يفعله بعض الأغنياء ليكمل به صورته البراقة، ويضيف إلى نفسه لقبًا جديدا ضمن ألقابه التي قد تنفعه في عمل دعاية لبعض شركاته وأعماله.

عندما يأمر الله -تعالى– بإيتاء زكاة الفطر أو المال -أمرًا نافذ الوجوب- ويجعله دينا معلقًا برقبة الغني. -ولو بعد موته-. فإن ذلك معنى راقٍ في فلسفة تعامل الإسلام مع الفقر، والتكفل بالفقراء ورعايتهم والمحافظة على حياتهم. وأنهم ليسوا هملاً أو كمًّا مهملاً، بل هم ضلع في المجتمع..

 

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى