الدوحة الثامنة والعشرون ” الصيام والقناعة ” بقلم : د. ياسر أحمد العز
يأتي رمضان من كل عام ليعود المسلمين على قناعة النفس والرضا والشكر فالقناعة إن قلت في الناس يزداد التسخط فيهم فحينئذ لا يرضيهم طعام يشبعهم. ولا لباس يواريهم، ولا مراكب تحملهم. ولا مساكن تكنهم وتظللهم؛ حيث يريدون الزيادة على ما يحتاجونه في كل شيء. ولن يشبعهم شيء. فأبصارهم وبصائرهم تنظر لمن فوقهم. ولا تُبصر لمن دونهم، فيزدرون نعمة الله عليهم ويحتقرونها. ومهما أوتوا طلبوا المزيد؛ فهم كشارب ماء البحر لا يرتوي أبداً.قال تعالى (كلا ان الانسان ليطغى أن راه استغنى ان الى ربك الرجعى).و يقول رسول الله لوكان لابن ادم واد من ذهب لتمنى أن يكون له واد اخر ولا يملأ جوف ابن ادم الا التراب.
كيفية الرضي :
و كما قال الماوردى: من رضي بالمقدور قنع بالميسور.)( ولقد جاء أعرابى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال له عظنى وأوجز فقال اذا صليت فصل صلاة مودع ولا تتحدث بحديث اليوم تعتذر منه غدا واجمع اليأس مما فى أيدى الناس واياك والطمع فانه الفقر الحاضر .. إن القناعة صاحبها يحقق شكر المنعم – سبحانه وتعالى -: ذلك أن من قنع برزقه شكر الله – تعالى عليه، ومن تقالّه قصَّر في الشكر، وربما جزع وتسخط – عياذا بالله – ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : “كن ورعاً تكن أعبد الناس. وكن قنعاً تكن أشكر الناس”والقناعة مآلها ونهايتها الفلاح والبُشْرى لمن قنع: فعن فضالة بن عبيد – رضي الله عنه – أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “طوبى لمن هدي إلى الإسلام.
وكان عيشه كفافاً. وقنع” وقنّعه الله بما آتاه”.وقد بيّن – عليه الصلاة والسلام – أن حقيقة الغنى غنى القلب فقال – عليه الصلاة والسلام -: .”ليس الغنى عن كثرة العَرَض ولكن الغنى غنى النفس”ذكر أحد القصاص أن الخليل بن أحمد رفض أن يكون مؤدبالسليمان بن الأهوز .وكان ملكا يغدق العطايا ثم أخرج خبزا يابسا وبلله بالماء. ثم قال مادمت أجد هذا فلا حاجة الى سليمان الوالى. ثم أنشد:أبلغ سليمان أنى منه فى سعة**وفي غنى غير أني لست ذا مال عزا بنفسى أنى لا أرى أحدا** يموت جوعا ولا من ضيق أحوال والفقر فى النفس لا في المال نعرفه**. ومثل ذاك الغنى فى النفس لا المال….وعن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى؟”.قلت: نعم! يا رسول الله. قال: “فترى قلة المال هو الفقر؟” قلت: نعم! يا رسول الله. قال: “إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب)