الدوحة الثانية عشرة “رمضان والعبادة ” بقلم : د. ياسر أحمد العز
يقول الله آمرا نبيه بالقيام والتهجد(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً. وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية).
وها هو نبي الله صلوات ربي وسلامه عليه يقول: ((أتاني جبريل فقال: يا محمد!. عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به. واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل. و أن عزه استغناؤه عن الناس)).وفي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر. فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن)) يقول بعض السلف : لما سمع العابدون (فإنى قريب) رفعوا الأكف ونثروا شكواهم. وهب نسيم السحر وتوافرت عطاياهم. وفاح عبير استغفارهم لربهم فحطت عنهم خطاياهم وكلما طلبوا من فضل مولاهم أعطاهم فسبحان من اختارهم من عباده واصطفاهم. وخلصهم باخلاصهم من شوائب الحياة. وصفهم مقرباًأوشيطاناعاتيا بما أعده الله لهم فلقد هيأ لهم كما عبدوه غيباالجزاء والنعيم الغيبي الذي لاتراه عين ولا تسمع به أذن ولا يخطر على قلب بشر.
الإيمان طريق المحبة:
إن معرفة الإيمان حقا وطريق المحبة صدقا يكونان عن طريق الخلوة بالرحمن جل وعلا في جوف الظلام يقول عليه الصلاة والسلام (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ). (و يقول عمرو بن العاص رحمه الله: ركعة في الليل خير من عشرة في النهار) فلصلاة الليل عند الصالحين أسرارها. والأذكار في جوف الليل حلاوتها ، والمناجاة فى ظلام الليل لذّتها. (يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله: “أهل الله في ليلهم عبادتهم ألذّ لنفوسهم من أهل اللهو في لهوهم، ) (ولهذا قال قتادة رحمه الله: “ما سهر الليل بالطاعة منافقٌ” ( ولذا لما حضرت ابن عمر رضي الله عنهما الوفاة بكى فقيل هل تبكى أسى على الدنيا وأسفا وحزنا؟. فقال: (ما آسى على شيء من الدنيا إلا عن ظمأ الهواجر. ومكابدة الليل). وإنما كان قيام الليل عبادة الأوابين المحبين لله رب العالمين لأن قيام الليل انقطاعٌ عن صخب الحياة. واتصال بمن تعنو له الجباه الله جل فى علاه، فتلتقي النفس من فيوضاته وتمنح من خيراته وبركاته.
ومن لذة الأنس به ومناجاته ومن التعرض لنفحاته. وقربه واستجابة دعواته. ولقد فرق الله عزوجل بين أهله فى ليلهم وبين أهل الشيطان فى ليلهم ومجونهم وفسقهم حين قال سبحانه :(أمن هو قانت ءآنا الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة. ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)