عاجلمقالات

الشتامين والشمامين والشامتين يتربصون

الشتامين والشمامين والشامتين يتربصون

الشتامين والشمامين والشامتين يتربصون
شعبان عبد الحميد

كتب: شعبان عبد الحميد

فى مصر نختلف بين أخلاق الفتاة وطول فستانها، وبين وطنية الكاتب وطول لسانه؛ فكلما شتمت أكثر تصبح وطنياً أكثر ويصفونك بالكاتب الثوري النقي وهذا طبيعي ، ويتحول كل شتّام إلى بطل، بينما الإبداع الحقيقي يكمن فى التعبير عن الغضب بالأدب، لأن قائمة الشتائم محفوظة يمكننا جميعاً تسميعها، والكتابة بالأساس نوع من أنواع الأدب.

لماذا الشتم والردح ؟

من الممكن أن يكرهني الناس؛ فالمحبة بخت، ومن الممكن ألا أحبه أنا، لا توجد عند البعض مساحة فاصلة بين الكاتب الصحفي والرداحة المحترفة؟ وكلمة ردح معناها الأصلي البسط والفَرد، وربما لهذا السبب ارتبط الردح….بفرش الملاية و«مد» اليد. وهناك كاتب «متقد الذكاء» يفيد قراءه ومجتمعه، وهناك آخر «مفتقد للذكاء» يتجه بكل من حوله إلى الانعزال، يشتم الجميع فيصفق له جمهوره، ولا يعلم المسكين أنه هو وجمهوره منعزلون فى ركن يظنون أنه العالم. وظاهرة شتم الجميع ومحاولة التعريض بهم منتشرة أكثر على الصفحات الإلكترونية للجرائد المختلفة حيث لا دورة نشر ولا مراجعات لغوية أو قانونية.

لماذا الشتم والردح ؟

موضة، ونحن نزايد على بعضنا فى كل موضة، استفسارات البعض دائرة حول فكرة «فلان بيشتم أكتر من علان»، و«شتمت مين النهارده؟»، هذا هو فن الشتيمة للشتيمة، ونحن بارعون فيه، مع العلم أن شتم البشر ليس دليلاً بالضرورة على أنك معارض همام، فأي رداحة يمكنها فعل ذلك وبجودة أعلى وتكلفة أقل.

لماذا الشتم والردح ؟

البعض، ومنهم أنا، خرج محبطاً من مرحلة حكم الإخوان وليس حكم مرسى، لانهم هم من كانوا يحكمون لأنه كان رئيساً استثنائياً بحق، استطاع أن يوحد جهود المصريين فى الشتم والردح والسخرية منه، والمشكلة تكمن فى أنه حرمنا من الفخر بأننا كنا ننتقد ونعارض رئيس الجمهورية، لأن الجميع كان يفعل ذلك.

لماذا يغضب الكثيرون من النقد؟ فلا أحد فوق النقد، ولا أحد فوق الحساب، ولا أحد فوق القانون، ولكن ما المقصود بالنقد وكيف يكون بناء؟ فالنقد هو التوجيه الصحيح بغرض الوصول إلى أعلى درجات الإجادة، ولكى يكون النقد بناء فلابد أن يكونو قائماً على الحيادية والفهم، وأن يكون بغرض تحقيق الصالح العام. 

أما النقد الذى يقوم على تصيد الأخطاء فيعد من أدنى أنواع النقد لأننا فى النهاية بشر ومادمنا بشراً فسوف نخطئ، فلا عيب من نقد شخص مهما كان اسمه أو منصبه، وكذلك لا ضير من انتقاد مؤسسة مهما كان حجمها وثقلها، ولكن بشرط عدم التجريح أو الإساءة للمِنتِقد، ومراعاة اتباع قواعد الآداب العامة- وليس من المقبول أن يصل إلى درجة الإهانة التى لن يرضاها بالطبع من وجه إليه النقد، لأن الناقد فى هذه الحالة سوف يكون قد عجز عن الوصول إلى غايته وهدفه من النقد وهو الصالح العام الذى نبتغيه جميعا، وفى هذه الحالة سيصبح النقد من وجهة نظر المنتقد سبا علنيا يحاسب عليه القانون، وبذلك يكون الناقد قد أعطى المنتقد السلاح الذى يدافع به عن سلبياته وأخطائه.

لماذا الشتم والردح ؟

وفى النهاية اقول
الشتم أصبح لعبة العاجز، أى كائن يمكنه أن يصعد المنبر ليلعن، أو يظهر على الشاشة ليشتم، أو يمسك القلم ليسب. الصحيح أن ننتقد الدولة والقائمين عليها لأى سبب غير إرضاء طائفة من الناس. الدولة تقوم بمجهود فى ملفات وتتأخر فى ملفات أخرى، لكنها تتعافى، فلماذا نتعافى عليها؟ فى مصر الشتيمة تلف لفتها وتعود لصاحبها فى شكل حكم قضائي لا يعجب أحداً من تعأصدقاء الشتام.. «الشتامين»، و«الشمامين»، و«الشامتين» يتربصون بتلك الدولة، وأنا لست معهم. فلماذا الشتم والردح .. حمى الله مصر وحمى شعبها الأصيل ورئيسها عبد الفتاح السيسى البار ..

زر الذهاب إلى الأعلى