سياسةعاجلمقالات

( القاهرة .. وجيشها الذي لا يُقهر ) .. بقلم: عمرو نوار

( القاهرة .. وجيشها الذي لا يُقهر ) .. بقلم: عمرو نوار

( القاهرة .. وجيشها الذي لا يُقهر ) .. بقلم: عمرو نوار
أرشيفية

لم تكن مصر أبداً هى القاهرة ..ولكن كانت القاهرة عبر التاريخ الحديث هى مصر كلها ..وإذا كان التاريخ الحديث يعرف بأنه مائتي عام فإن القاهرة بمفردها يشير تاريخها الحديث إلى ألف ومائة عام ويزيد… وكأنه كُتب على هذه القطعة من الجغرافيا التي تتوسط قلب العالم ان تكون دائما مسرحا ومطمعا لكل قوة تحلم بامتلاك العالم والسيطرة عليه عبر إمتلاك مصر والسيطرة عليها …كان حلم الإمبراطورية الآشورية والفارسية والرومانية والبيزنطية والعربية والمغولية والصليبية ثم لاحقا البريطانية والفرنسية ومؤخراً الأمريكية والأوروبية ….

 

منذ قمبيز و الاسكندر الاكبر وصولا إلى ايدن فى العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦ وماتلاها من معارك فى ٦٧ و ٧٣.. تاريخ طويل من النضال والصراع خاضته مصر عبر تاريخها ضد هذه الجحافل والجيوش الغازية ..لم تكن ابدا معتدية ولم تكن ابدا دولة نزاعات حدودية مع أى من جيرانها التى صانت مصر حقوقهم وراعت حدودهم .. ومنذ عصر رمسيس الثانى و تحتمس الثالث مرورا بعصر محمد علي وماتلاه من عصور والجيش المصرى يخوض معاركه الدفاعية ببساله فائقة ..وإذا كانت جيوش العالم أجمع تحمي اوطانها فقد كان هذا الوطن يحمي جيشه ..يحتويه ويفتديه ..وفى واحدة من أروع الصور التى سجلها تاريخ هذا الشعب الجيش وهذا الجيش الشعب تبرعت نساء مصر بحليهن ومصوغاتهن ابان معارك يونيو فيما لم يحدث فى اى دولة فى العالم ولم يكن عطاءً إجبارياً وانما كان إيماناً فطرياً تعلمه أبناء مصر منذ فجر التاريخ ..

 

وقد أدرك المصريون جميعا من خلال الأحداث المتسارعة انهم كانوا دائماً على حق فى بذل الغالي والثمين فى سبيل الحفاظ على أمن هذا الوطن عبر الحفاظ على تماسك جبهتهم الداخلية جنباً إلى جنب مع تماسك جبهتهم الخارجية والتى هى جيش هذا الوطن جيش مصر العظيم ..فلم نر تفكك الدول من حولنا الا بتفكك جيوشها واختلاف قادتها ووهن قوتها …فحين ضعفت هذه الجيوش تشردت الاوطان وأهلها لاجئين على أبواب الدنيا كلها .. ورأينا سقوط دولة تلو دولة وكأنها حبات عقود الأوطان تنفرط متتابعة متسارعة … وكانت مصر وحدها قاهرة الغزاة وصارعة الطغاه على مر الأزمنه والتواريخ فانسحقت تحت اقدام جيشها جموع التتار والصليبين حتى انها أسرت على ارضها واحدا من أعظم الملوك وهو لويس التاسع والتى مافتأت فرنسا تتوسل إلى قادة الجيش المصرى ليفكوا أسره ويطلقوا سراحه فاستجابت مصر العظيمة واعادته إلى بلاده ذليلا مهانا ..

كما ابكت الجنرال بارليف وسخرت من جداره الذى قال بعد بناؤه ان جيش اسرائيل هو الجيش الذى لايُقهر فقهرته مصر واذابت جداره فى ظهيرة ٦ أكتوبر العظيم كما فعلت بأسلافه من الغزاه والطغاه ..ولم يكن جيش مصر ابدا هو الجيش الذى يمتلك أحدث المعدات والتجهيزات العسكرية والأسلحة الحديثة بل تفوق عليه اعداؤه احيانا فى تلك الجوانب منذ عربات الهكسوس المبتكرة وحتى منظومة الدفاع والمراقبة الأمريكية الاسرائيلية فى حرب اكتوبر المجيدة .. ولكن جيش مصر امتلك عبر تاريخه ماهو اعظم من هذه المُعّدِه وهو الانسان وريث تلك العقيدة العسكرية المصرية وتلك الروح المقاتلة التى لم يأت ٍ التاريخ بمثلها .. ادرك المصريون ان الامن قبل اللقمة وان قلّت وان الأمان هو الاستقرار وانه لاحضارة بدون امن ولا استقرار .. للزارع فى ارضه وللعامل فى مصنعه وللعالِم فى مختبره …وهذا هو سر مصر العظيم واستقرار واستمرار حضارتها عبر اثنى عشر الف عام … قوات عظيمة مسلحة وشعب عظيم من وراءها … ان أى محاولات لزعزعة هذه المنظومة والطعن بها انما هى طعنة فى ظهر مصر لا يفعلها الا عدو واضح العداء أو جاهل جانبه الذكاء … ويعلم كاتب هذه السطور ان صعوباتٍ اقتصادية تواجه الجميع فى مصر .. فى عيشهم ومعايشهم واحوالهم المادية ولكن بالتبصر والنظر إلى ماآلت إليه احوال الجيران بلا استثناء اتضح لكل ذى بصيره ان التماسك هو سبيل النجاه وليس الفوضى ….واننا فى اوطاننا آمنين وهذا وعد الله فى قرآنه لكل من عاش على هذه الارض ( ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين ) وفى الانجيل ( مبارك شعبى مصر ) ..جاءت مصر ثم جاء التاريخ وكان جيشها ابدا عبر هذا التاريخ هو درعها الواقى وصمام امانها الباقى …فتحية اجلال وتقدير من كل ابناء مصر إلى كل ابناء مصر ممثلا فى قواتها المسلحة وجيشها العظيم الذى لا ولن يقُهر ابدا بمشيئة الله وعنايته بمصر العظيمة .

 

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى