جارى البحث عن أطباء
كتب: د. محمد كامل الباز
لست أرى من وظيفة الصحافة أو الإعلام مساندة الحكومة وأدائها فقط حتى إن كانت مقصرة ولكن أرى من صميم واجبها تسليط الضوء على أى مشكلة قد تواجه المجتمع وتعصف به ، من أهم المشاكل التى نلاحظها فى الآونة الأخيرة هى قلة عدد الأطباء وخصوصاً تخصص الطب البشرى ، ندخل أقسام كاملة لنجد طبيب واحد فقط ، من الممكن أن تجد وحدة صحية كاملة بنفس العدد، أين ذهب الأطباء .؟ أين اختفوا .؟ ولماذا أصبح الوضع هكذا .؟
منذ قيام الجمهورية المصرية عام ١٩٥٢ وتغيرت معالم المجتمع المصرى وتغير أسلوب حياته ، بدأت وظائف تفقد رونقها وأخرى تستعيد بريقها ، بالطبع المنظومة الصحية من أكثر تلك المنظومات التى تأثرت بشكل كبير بهذا الوضع وتوالت الفترات حتى دخلنا فى ٢٠٢١ أصبحت المنظومة الصحية فى حالة يرثى لها ، ترك معظم الأطباء شغلهم الحكومى ليسافر البعض ويتجه الآخر للشغل الخاص ، طالبت النقابات الطبية فى أكثر من مناسبة بتقنين أوضاع الأطباء ، وتحسين أحوالهم ، هل يعقل أن أحد يترك بيته بالثلاث أيام من أجل نبطجية بمئات الجنيهات ، هل يمكن أن يستمر أيام متتالية دون راحة حتى أصبحنا نجد أطباء يسقطون فى مقتبل العمر، هل يعقل أن يأخذ الطبيب بدل عدوى لا يصل لربع يتقاضاه رجال القانون والبنوك !! أم ترى أن ملامسة الدم والمكوث فى غرف العناية المركزة أقل خطراً من ملامسة النقود أو المواد المخدرة ،؟إذا ذهبت فى المستشفيات العامة تجد الفريق الطبى كله مستباح ، إذا حدث لأى أحد مكروة وهو أمر قدرى من الممكن أن يأتي أهل المريض للانتقام من الأطباء وتكسير المستشفى …
أين الأمن ، أين حقوق هؤلاء الأطباء ؟؟ لا يوجد إجابة ..إذا أراد أحدهم أن ينمى من نفسة ويطور من أدائه ليكمل الدراسات العليا فقد ارتكب جرما كبيراً ، يجد العجب العجاب سواء من مكان عملة أو دراسته على حد سواء ،كل تلك العوائق وتريد أن تجد أطباء..؟؟ نحن الأن فى مراحل التطعيم ضد فيروس كورونا ويوجد عجز شديد فى الأطباء البشريون الذين من مهمتهم بالتأكيد ذلك الملف ، كيف تتعامل الإدارات والهيئات الصحية ، هل تجلس مع الأطباء لحل مشاكلهم ومعرفة سبب مغادرتهم البلاد أو الخروج من وزارة الصحة ..؟ بالطبع لا فقد وجدت حلول أخرى وهى تكليف أطباء الأسنان والصيادلة بتلك المهمة وغض الطرف عن تلك المشكلة الكبيرة ، وبالتأكيد سيأتى الدور لاحقاً على أطباء الأسنان والصيادلة ، لماذا لا نحل المشكلة بهيكلة المنظومة الصحية بأكملها من تطوير مستشفيات ، إصلاح أحوال الأطباء والتمريض ،.
النهوض بالمنظومة الصحية من أهم عوامل تقدم أى بلد ، ولاعب أساسى فى جذب الاستثمارات إليها ، فلو وجدت فتح باب هجرة الأطباء من أي البلدان الغربية ستجد الأطباء المصريين لهم نصيب الأسد فى طلبات الهجرة ،كيف يثق المستثمرين فى بلد كمناخ جيد للاستثمار وهم يروا بأعينهم الأطباء من أبناء البلد يهاجروا منها ، ليس من عوامل جذب الاستثمار النهوض بالطرق والمنشآت فقط بل أيضاً من أهم المتطلبات لأى استثمار تقدم المنظومة الصحية والاهتمام بها ، وعلى الجانب الداخلى فهذا سيرفع بالتأكيد من معدلات التنمية حيث تقل الوفيات ويقل معدل انتشار الأمراض وتطورها وهذا بالطبع يؤثر إيجابيا على الدخل القومى .، نرجو من الحكومة الموقرة أن تفكر جيدا فى حلول للمنظومة الصحية بالبحث عن حل لمشاكل الأطباء أفضل بكثير من البحث عن الأطباء نفسهم .