حار جاف صيفًا .. بقلم الإعلامي: حمدي رزق
كان طيب الذكر الشاعر الجميل مأمون الشناوى لايحمل ودا للصيف ، ولأسباب فى بطن الشاعر ، تفصح عنها أبيات مقفاة من أغنيته الخالدة ” الربيع ” التى تغنى بها الموسيقار الكبير فريد الأطرش ، كما يقولون المعنى فى بطن الشاعر والاسباب أيضا..
يقول فى مناجاة مغناة:
“لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك، وأيامك
كان لي في عهدك أليف عهدني قدامك، قدامك
وكان لي في قلبه طيف يخطر في أحلامك
من يوم ما فاتني وراح، شدو البلابل نواح
والورد لون الجراح، والورد لون الجراح، والورد لون، لون الجراح .. ”
**
هرمنا على قاعدة مناخية راسخة رسوخ الجبال الرواسى، فى وصف الحالة المناخية المصرية تقول: “حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاء”، يقينًا باتت ماضيًا، وبالأحرى اختصار مخل لطقس مختل، قاعدة أطاحها صيف هذا العام، الذى جاء ساخنًا يشوى الوجوه، يذوب من صهده عين القطر “النحاس”، تحس باحتياج عارم لفتح باب الثلاجة طويلا .
حتمًا ولابد من وصف جديد لمناخ مصر، بات ضروريًا ومستوجبا ، ليس من قبيل رفاهية المتفكهين، أو من قبيل اللغو غير السياسى، أو ملء المساحات الفاضية على المقاهى، أو تزجية فراغ لناس فاضية.
رسم الخريطة المناخية الجديدة تترجم إلى رسم الخريطة الزراعية الجديدة، تقلبات المناخ بلبلت الفلاحين، وأطارت صوابهم، ولخبطت ثوابتهم، وزعزعت قوانينهم الزراعية، فلم يعودوا يميزون بين مسرى وبرمهات (من أسماء الشهور القبطية التى تنظم الزراعة ).
الثابت يقينًا وعلى رؤوس الأشهاد أن المناخ المصري تقلب تمامًا، صار متقلبًا، مزاجه متعكر، وأرجو الا يستنيم خبراء الأرصاد طويلًا على قاعدة حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً، لا يودون المساس بها وكأنها من الثوابت المرعية، مع أن العالم بأسره يغير قواعده المناخية .
لسنا استثناء، ويستوجب أن نذهب سريعًا إلى قراءة جديدة لمؤشرات المناخ المصرى خلال العقد الأخير على أقل تقدير، هذا من قبيل الأمن القومي، الذى يرتهن بالأمن الغذائى، فضلا عن معايش الناس، وطبيعة اللباس، وشيوع الأمراض، ومتوالية الأوبئة القادمة من خارج الحدود فى بلد تلفه صحراوات قاحلة ذات مناخ قارى .
القاعدة جو خانق صيفًا، سيبيرى مثلج شتاء، إذا جاز القول مناخيًا، القاعدة القديمة حار جاف صيفًا استنها علماء، وتغييرها سيقوم عليه علماء، لا هي معادلة مقدسة ولا أكتسبت قداسة، هنا لا نتحدث عن صحيح البخارى، نتحدث عن صحيح المناخي، ولم يكتسب قداسة بعد .