حمدي رزق يكتب: أطال الله فى عمره
لم يطاوعنى قلبى ولم تواتِنى الشجاعة للاتصال بالأستاذ «فريد الديب» لأطمئن، مع سريان شائعة خبيثة تتحدث برحيله، سيما أن الأستاذ بعافية، إنا نسألك تمام العافية، ونسألك دوام العافية، ونسألك الشكر على العافية.
وبحكم علاقته الأسرية بالأستاذ فريد، قطع الصديق «تامر عبدالمنعم» قول كل خبيث، وصرح عقب الشائعة: «تواصلت مع الأستاذ مباشرة للاطمئنان عليه وأخبرنى أنه بخير وبصحة جيدة».. تقريبًا «تامر» صار متفرغًا لنفى الشائعة التى تتلوى كالحية الرقطاء فى عقب الأستاذ فريد..
تقصى خبر وفاة الأصلاء تنتهى عادة إلى مواقع وصفحات إخوانية عقورة، تتعقب رموز الدولة، شائعات الوفاة يتعرض لها أسبوعيًا رمز مصرى، آخرها خبر وفاة الأستاذ فريد، وقبلها الفنان القدير «يحيى الفخرانى»، وقبلها زعيم المسرح العربى «عادل إمام»، أطال الله فى أعمارهم جميعًا، وصار كل صباح بخبر أسود، هناك من يلاحقنا بهذه الأخبار السوداء، عاوزين يعيشونا فى حزن مقيم، ومُنَى عينهم سرادق كبير.
الأستاذ فريد مثله مثل الطيبين، قلبه معلق بالسماء، مؤمن بالقضاء والقدر، ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدًا، وهو من القول المرغوب، وفى الأخير، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
لا أخلاقى ولا إنسانى أن تصحو من نومك وقبل أن تصلى وتشكر الله على نعمائه تطالع خبر موتك مع قهوة الصباح، وقبل أن تدرى ما تفعل، تتدربك الدنيا من حولك، العائلة والأسرة يصيبها فزع رهيب، والأحبة والخلان تداهمهم الفجيعة، والأصدقاء يبادرون بالاتصال بعضهم بعضًا للتيقن من الخبر الحزين، ومن تواتيه شجاعة الاتصال برقم الفقيد تمر عليه الثوانى كدهر كامل، فيتنفس الصعداء مع كلمة «ألو» بصوت الفقيد، فيحمد الله، وينهى المكالمة سريعًا لينقل للأصدقاء الخبر ويطمئنهم.
كثير ممن أصابتهم مثل هذه الأخبار السوداء يتألمون فى صمت، عجيب أن يضطر شيخ فى سن الأستاذ فريد أن يخرج على الناس بتسجيل صوتى ينفى خبر موته، بما يستتبع هذا من مشقة هائلة على أعصاب رجل بلغ من العمر مبلغه، هذا يكلف الرجل ما لا يحتمل فى سنه.
للأسف، وصار واضحًا استهداف صفحات الإخوان والتابعين لرموز مصر ونجومها الساطعة، الأستاذ فريد ليس استثناءً، الإخوان يعمون من العمى ولا يرون نجمًا مصريًا، يتمنون مصر خرابة ينعق فيها الْغُرَاب النُّوحِىّ، مثله الغراب الإخوانى، ومعروف بحدة صوته الذى جعل الناس تتشاءم من رؤيته أو سماع صوته، إضافة إلى لونه الأسود القاتم.. يحوم فى دوائر حول الأحزان وكأنه ينوح على الميت!.
وإذا لا قدر الله وقبض أحدهم، يتولونه بالشماتة واللعن والدعاء عليه وتمنى النار موئلًا، لن أنسى ما حييت شماتتهم فى وفاة الخال الكبير «الأبنودى» أو العم الكبير «سيد حجاب»، فضلًا عن شهداء الجيش والشرطة، وغيرهم كثير، مُنَى عينهم يرون مصر وقد أُبديت عن آخر شعبها، الإخوان عدو لكم فاحذروهم..
ولمن يشيرون سخام الإخوان، اتقوا الله فى الأحياء وترحموا على الأموات، من ذا الذى يتعجل القضاء، لماذا تفجعون الأحياء بخبر وفاتهم وهم على قيد الحياة، ما هذا الترخص والتدنى، للأسف دخلنا مرحلة المراحيض العمومية، جتكم القرف مليتو البلد.
