مقالات

حمدي رزق يكتب: «الجائحة ليست زرًّا يتمّ إطفاؤه»

حمدي رزق يكتب: «الجائحة ليست زرًّا يتمّ إطفاؤه»

حمدي رزق يكتب: «الجائحة ليست زرًّا يتمّ إطفاؤه»
حمدي رزق

ليس تَفَكُّهًا ولا تزجية للفراغ، ولا تسلية صيام فى يوم قائظ، ولكنها منظمة الصحة العالمية التى تدهمنا بمراجعتها الفيروسية كل ثلاثة شهور.. ما يستوجب التوقف والتبين.

المنظمة لم تغادر مرحلة القنوط بعد، عالقة لا تزال فى الجائحة الفيروسية «كورونا»، وجل منتسبيها لا يعرفون طريق التفاؤل أبدًا، عبوس، وقنوط، وبيانات تحض على الانتحار يأسًا.

مدير الطوارئ فى المنظمة، «مايكل راين»، خرج على البشرية المعذبة، ظهر الثلاثاء الماضى، بوجه عابس محذرًا: «جائحة كوفيد- 19 لا تزال تمثّل تهديدًا، وقد تتسبب فى مزيد من المشكلات قبل أن يستقرّ الفيروس فى نمط يمكن التنبّؤ به!!».

المثل الشعبى فى الحارة المزنوقة يقول: «الملافظ سعد»، وفيه تنبيه للناس، وحَضٌّ لهم على تخيُّر ألفاظهم وكلماتهم فى خطابهم، فتصادف القبول والاستحسان، «راين» يصك عبارة فظيعة: «الجائحة ليست زرًّا يتمّ إطفاؤه»!!.

المنظمة إحصائيًّا سجلت فى الأيام الـ28 الماضية أكثر من 23 ألف حالة وفاة، وثلاثة ملايين إصابة، فى سياق انخفاض أعداد فحوص الكشف عن الفيروس فى مختلف البلدان إلى حدّ كبير.

«راين» يخبرنا أن الفيروس لا يمكن القضاء عليه، وسيستمر على غرار الأنفلونزا فى التسبّب بأمراض تنفّسية لدى أشخاص ضعفاء، وفى بعض الدول أعداد كبيرة من الأشخاص الضعفاء غير الملقّحين، بينما فى دول أخرى لم يعد كوفيد يمثّل حالة طوارئ.

 

الحمد لله ربنا كرمنا فى مصر وغادرنا مربع الخطر الفيروسى، والتلقيح تجاوز النسب العالمية، ودخلنا بجهد جهيد وكلفة عالية مرحلة مناعة القطيع، واختفى الفيروس أو كاد يختفى، وهذا ما يستأهل الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى.

تقريبًا مايو المقبل ستراجع المنظمة الموقف الوبائى، تراجعه كل ثلاثة أشهر، وحتى يحين الموعد الموعود، ستظل المنظمة قابضة على جمر الوباء، على حد قول «راين»: «سنرى على الأرجح.. طريقًا وعرًا باتجاه نمط يمكن التنبّؤ به بشكل أكبر».

وعورة الطريق لا تعنى تشاؤمًا محضًا، مستوجب التفاؤل، فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم «راين» وهو يقذف بأرقامهم المقلقة فى وجوهنا.

جد المنظمة الكونية فى حاجة ماسّة إلى وجه مريح، متفائل، تحس بأنها منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب زحل، لا يكفون عن إحباط البشر، متسلطين علينا.

مجرد أن توارى الفيروس وضعفت شوكته، واستعادت البشرية طبيعتها، وتفتحت مسام البشر استشرافًا للأمل، يداهمنا «راين» بتقريره المقلق، انتظروا موجة أخرى.

لسان حاله يُغنى عن بيانه الكئيب، راين يمشى على الطريقة الحليمية فى قارئة الفنجان: «مقدورك أن تمضى أبدًا فى بحر الحب بغير قلوع/ وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع»، وترجمتها الشعبية فى أغنية حسن الأسمر «كتاب حياتى يا عين، ما شفت زيه كتاب/ الفرح فى سطرين/ والباقى كله عذاااب»!.

«راين» يعانى كابوسًا فيروسيًّا سد عليه منافذ الأمل، كل ما ينام هنيهة يصحو ملتاعًا وعرقه مرقه، قلبه واجف، وعطشان، ويهذى، الوباء، الوباء، الوباء.

أخشى أن روحًا شريرة تلبست المنظمة، لا تصدر عنها بارقة أمل، تحتاج إلى نقلة معنوية، من مرحلة الإحباط والتحبيط إلى مرحلة إشاعة الأمل.. وإشاعة الأمل صنعة.

 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى