مقالات

حمدي رزق يكتب: الخُّدَّج

حمدي رزق يكتب: الخُّدَّج

حمدي رزق يكتب: الخُّدَّج
حمدي رزق

الطفل الخديج هو الطفل الذى يولد قبل الأسبوع الـ٣٧ (قبل ثلاثة أسابيع من تاريخ الولادة)، قد يصاحب الطفل المولود ولادة مبكرة مشكلات طبية، ويحتاج إلى رعاية خاصة والبقاء فى العناية المركزة لحديثى الولادة، كما يتم تغذية الأطفال حديثى الولادة الذين تتراوح أعمارهم بين ٢٥ و٢٩ أسبوعًا فى الحمل، عن طريق الوريد أو عبر أنبوب.

صور الرضع الخُّدَّج فى حضانات مستشفى الشفاء فى غزة تحت القصف والحصار صور تقطّع القلب، إسرائيل تعاقب الخُّدَّج دون ذنب جنوه، وتقصفهم، وتقطع عنهم أسباب الحياة، محرومين من الأكسجين واللبن، ويقاسون بردًا، كل جريمتهم أنهم ولدوا فى حقل الشوك.

صور يخجل منها الضمير العالمى، الموت أرحم، وبعضهم غادر الحياة يأسا، غادر غزة المنكوبة إلى الجنة الموعودة، الخُّدَّج يبكون ويصرخون من قسوة الظرف الذى فرض عليهم، ومنع عنهم أسباب الحياة.

لو نطق أحدهم فى المهد صبيا لصرخ فى وجه العالم الذى لا يخجل، ولا يجفل، ولا يحفل بمأساة إنسانية صارخة بكل لغات العالم، الخُّدَّج الرضع يقتلون بدم بارد، مجرمو الحرب يستهدفون لحما طريا، وأرواحًا بريئة، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ..

يا هول ما نرى ونحن قعود عن الغوث، صورة وحشية، جريمة تقشعر منها الأبدان، اغتيال ممنهج، مجرمو الحرب ينفذون أحكام الإعدام فى الخُّدَّج الرضع بدم بارد.

صورة لو تعلمون كافية لتشيح الإنسانية بوجهها عن الدولة العبرية، وأمام أنفسكم ألا تخجلون، ألا تستحون، ولو.. ويتشفون تشفيا يااااه على الظلمة فى النفوس!!.

صورة هى الهوان بعينه، تبًا لكم، وسحقًا لأفعالكم، ألا تخجلون من سوء صنيعكم وأنتم تقصفون الرضع وتمنعون عنهم أسباب الحياة، الأطباء يستصرخون ضمائركم الميتة، لا حول لها ولا قوة.. وعاملين فيها قادة وجنود مدججين بالسلاح.. تبًا لكم ولفعلتكم الكريهة.. انبذوا هذه الصورة، العنوها والعنوا فاعليها، وإلا صارت مثلًا.

وتُظهر المقاطع الحزينة الخُّدَّج الرضع مستلقين جماعة على سرير فى غرفة تبدو وكأنها مشرحة مكدسة بالأطفال الباكين، تسمع صرخاتهم المبحوحة تقطع نياط القلوب.

وإذا نجا منهم صبى، فثق من سيخرج من النكبة، ويكتب له عمر جديد لن تطيقه إسرائيل فى قادم الأيام، سيهب من الحضانة مثل ريح صرصر عاتية.. سيرى العالم مقاومين أشداء شهداء.

إزاء ولادة جيل يستبطن ثأرا، سيصليها نارا، لن تهنأ إسرائيل بالراحة التى تطلبها، ستظل فى رعب مقيم، وستدوى صفارات الإنذار طويلا، كتب عليهم الخوف، ولن تحميهم أغلفة، ولن تصد غضبة هذا الجيل قبة حديدية.

كل من سينجو من هذه المجزرة سيزأر، صرخته ستتحول إلى زئير، والزئير هو صوت السباع، صوت أجش، منخفض التردد، عالى الطبقة، يبعث الرهبة فى قلوب الفرائس.

سيثأر هذا الجيل، سترون عجبًا، إسرائيل اختارت، وعلى نفسها جنت براقش، أطفال المقاومة سيذيقون إسرائيل الويل، سيكتبون نهاية الدولة العبرية، هلاك إسرائيل على أيدى هذا الجيل الذى شهد المجزرة، وشيع روحه، وبات على ثأر.

جيل لم ولن تشهد البشرية مثيلا له، جيش من الخُّدَّج شرب كأس العذاب، ذاق الأهوال، وخَبِرَ الموت قبل أن يستطعم طعم الحياة، وفقد الأمل فى الحضانة.

الخُّدَّج، من سيهبون من الحضانات مردة لا قبل لكم بهم، كل منهم مشروع شهيد، يوم كتبوا لهم أسماءهم على سواعدهم وأقدامهم ليتعرفوا عليهم بعد القصف جثثا وأشلاء، سيكتبون أسماءهم فى سجل الشهداء.. مَن خَبِرَ الموت تهون عليه الحياة.

 

 

 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى