حمدي رزق يكتب: حديث الرمال السوداء
أعجب ممن يشكك فى جدوى «مجمع الرمال السوداء»، بمدينة «البرلس» التابعة لكفر الشيخ، بهدف استخلاص المعادن الثقيلة من هذه الرمال المنتشرة على الشواطئ الشمالية والشرقية، وتسويقها محليًا وخارجيًا.
أعجب من هذا الذى يصدق هراء قنوات الإخوان، وهو يرى بأم عينيه، صرحا صناعيا بمقاييس عالمية، وتكنولوجيا متطورة لاستغلال ثروة وطنية، كانت ضائعة بين تلاطم الأمواج وعبث الأيادى التى كانت تستخدم الرمال الثمينة فى البناء، دون تقدير أنهم يهدرون ثروة دانية القطوف.
أعجب من العجب العجاب أن ينطلى كذب الإخوان على الطيبين الذين تابعوا على الهواء مباشرة وبحضور السيد الرئيس تدشين واحدة من القلاع الصناعية العملاقة تمتد ما بين البحر والبر، بكلفة أربعة مليارات جنيه، توفر ٥٠٠٠ فرصة عمل، مباشرة وغير مباشرة.
تفتح بيوت، الرمال السوداء المصنعة، وتوفر عملة صعبة كانت مخصصة لاستيراد معادن فى استخدامات حياتية لا غنى عنها، وتسهم فى الدخل تصديرا لهذه المعادن (بعد تصنيعها بأيادٍ مصرية).. كانت سابقا تصدر فى أجولة بتراب الفلوس.
العجب الحقيقى من تقاعس أجهزة المعلومات الحكومية عن تنوير الطيبين بالنقلة الصناعية التى جرت وقائعها فى مصر، طوال العقد الأخير، (١٧ مجمعا صناعيا بـ ١٥ محافظة على مستوى الجمهورية، وبإجمالى وحدات صناعية يبلغ عددها ما يتخطى ٥ آلاف وحدة، توفر نحو ٥٠ ألف فرصة عمل مباشرة).
مجمعات صناعية عملاقة فى مدن صناعية عملاقة، ابتداء بمجمع «كيما أسوان»، لإنتاج الأسمدة «أمونيا- يوريا»، باستثمارات نحو ١١.٦ مليار جنيه، «مجمع الجلالة» يضم ٨ مصانع للرخام ومصنعا للجرانيت، و«مجمع الفوسفات» بالعين السخنة يضم ٩ مصانع بتكلفة ١٦ مليار جنيه. ويوفر ١٥٠٠ فرصة عمل مباشرة و٢٠ ألف فرصة عمل غير مباشرة، و«مجمع الأسمنت» فى بنى سويف، ٦ خطوط إنتاج بتكلفة ١٦ مليار جنيه، و«مجمع البتروكيماويات» بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات ٧.٥ مليار دولار.
القائمة تطول لتصل إلى مدن صناعية كاملة، مدينة الدواء بمنطقة الخانكة فى محافظة القليوبية، ومدينة الأثاث فى دمياط، ومدينة الجلود فى الروبيكى، ومدينة النسيج الجديدة بالسادات.
هذا ما أمكن حصره من منشورات متفرقة على خريطة الوطن، ولو هناك فِهرِس موثق للمشروعات الصناعية فى العشرية الأخيرة سيكون لافتا فى سياق «حديث الأولويات»، ويرد على حديث الأفك الذى يتداول على المنصات الفضائية والإلكترونية الإخوانية العقورة التى تلوك حكيًا بغيضًا يرتدى مسوح الكذب والخداع.
ومع كامل الاحترام للوطنيين المتحدثين بحديث الأولويات، منجز مجمع الرمال السوداء الصناعى لا يضيع هكذا هباء فى الرمال، وسلسلة المجمعات الصناعية ما افتتح منها- وبعضها مذكور أعلاه ويمكن الاستيثاق من الأرقام وزيارة المجمعات- وما هو تحت التنفيذ كمجمع النسيج المتطور فى المحلة الكبرى.
كل هذه الإنجازات مستوجب ذكرها (عدلا وإنصافا) عند التطرق إلى حديث الأولويات، حتى لا ينتقص الجهد الحكومى ويغمض فى سياق أزمة اقتصادية قاسية تمر بها البلاد لأسباب خارجية خلفت أسبابا داخلية يجرى علاجها فى أقرب الآجال، وتفاؤلًا، وكما يقول الشاعر التونسى «أبو الفضل»، المعروف بابن النحوى «اشتَدَّى أزمَةُ تَنفَرِجى».. وفرجه قريب.