حمدي رزق يكتب: حلاوة المولد!
حتى «حلاوة المولد» لم تفلت من بين أسنانهم الصفراء، يَلُوكونها دون سند، يحرمون سُنة حسنة، والقول النبوى الشريف حاكم «تَهَادوْا تَحَابوْا» حتى الهدية يحرّمونها.. منكم لله يا بُعدا!.
دار الإفتاء قطعت عليهم طريق التحريم الذى يترجم منعًا، وفى بيان للعالمين: «أن تهادى حلوى المولد النبوى بين الناس سُنة حسنة، فالتهادى أمر مطلوب فى ذاته؛ لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: (تَهَادوْا تَحَابوْا)».
تخيّل.. بلغ التضييق مبلغه، يحرّمون حلوى المولد لأنها بدعة، ويردف المتحدث بالأمر وينسب للرسول الكريم صلوات الله وتسليماته عليه: «كل بدعة ضلالة»، ويذهب سريعًا للتعميم: «وهذا كلامٌ عامٌ محكم، يشمل جميع البدع، ولا يُستثنى منه شىء، وينتهى بالضرورة إلى حكم قطعى، فجميع البدع التى أحدثها الناس، قولية، أو فعلية، أو عقدية كلها داخلة فى هذا الحديث (يعنى ضلالة.. وكل ضلالة فى النار)، يعنى تاكل حلاوة تدخل النار حدف!».
ويزيدون ويتزيدون: الاحتفال بالمولد أصلا بدعة لم ترد عن النبى، ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين أو الأئمة، وإنما أحدثها العبيديون، كما أحدثوا غيرها من البدع والضلالات. (الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ).
بشجاعة وبرؤية إنسانية راقية للنص، تقول «دار الإفتاء» فى بيانها الذى جاء على وقته قبيل المولد: «ولم يَقُمْ دليلٌ على المنع من القيام بهذا العمل أو إباحَتِه فى وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى؛ كَإدْخَالِ السُّرورِ على أهلِ البيت وصِلة الأرحامِ فإنه يُصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولدِ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشَدَّ مشروعيةً وندبًا واستحبابًا؛ لأنَّ (للوسائل أحكام المقاصد)».
من ذا الذى يحرم المولد احتفالا، من ذا الذى يحرم حلوى المولد سرورا؟!.. إنهم يضنّون على الناس بالبهجة، يبوخون من البواخة، وبغلظة وفجاجة حلاوة المولد تنطعًا.
الاحتفال بالمولد النبوى الشريف «كما أفاد مركز الأزهر للفتوى» يُعدُّ مظهرًا من مظاهر شكر الله تعالى على نعمة المولد، وقد سنَّ لنا سيدنا رسول الله بنفسه جنسَ الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه».
إذا ثبت ذلك، وعُلِم؛ فمن الجائز للمسلم – بل من المندوبات له – ألا يمر يومُ مولدِه من غير البهجة والسرور والفرح به، وإعلان ذلك، واتخاذ ذلك عُنوانًا وشعارًا، وقد تعارف الناسُ واعتادوا أكل وشراء أنواع من الحلوى التى تُنسب إلى يوم مولدِهِ، ابتهاجًا وفرحةً ومسرَّةً بذلك، وكلُّ ذلك فضلٌ وخير.
فما المانع من ذلك، ومن يجرؤ على تقييد ما أحلّه الله تعالى لخلقه مطلقًا؟!.
وما وجه الإنكار على إعلان يوم مولده شعارًا يتذكَّر المسلمون فيه سيرته، ويراجعون فضائلَه وأخلاقه، ويَنْعَمون فيما بينهم بصلة الأرحام وإطعام الطعام، التى حثَّ عليها صاحبُ المولِدِ الأنور.
وعليه كما يقول الأزهر، فلا بأس بشراء وأكل حلوى المولِد النبوى الشريف، والتوسعة على الأهل فى هذا اليوم من باب الفرح والسرور بمقدِمه صلى الله عليه وسلم للدنيا، وقد أخرج الله تعالى الناسَ به من الظلمات إلى النور.