حمدي رزق يكتب: «صورة المسيح» بالذكاء الاصطناعي!!

والعبقريات منسوبة إلى «وادى عبقر»، وادٍ قيل إنه يقع فى «نجد»، وقيل فى «اليمن»، وقال «الخليل الفراهيدى» إنه موضع بالبادية كثير الجن، وإذا قيل فلان (عبقرى) كمن مسه جان، نسبة إلى «وادى عبقر»!
لو عاش طيب الذكر، صاحب العبقريات «محمود عباس العقاد» إلى يومنا هذا، لأعاد كتابة سلسلة عبقرياته جميعا وفّق معطيات الذكاء الاصطناعى.
يقينا كان سيغير كثيرا من الوصف التشريحى للوجوه الوضاءة التى توفر على وصفها، ورسمها بقلمه السيال، ومنها صورة السيد المسيح (عليه السلام) فى كتابه الصادر فى عام 1953.
فى عصر الذكاء الاصطناعى لا تحتاج إلى «جن وادى عبقر» لترسم صورة، فحسب برنامج تخليقى لا يكلف كثيرا، لإنشاء صورة مقربة كتلك الصورة للسيد المسيح التى تلف العالم.
صحيفة (Daily Express ) باستخدام Midjourney (برنامج ذكاء اصطناعى توليدى لصور واقعية)، توفرت على إنشاء وجه السيد المسيح عليه السلام، وفق علامات الكفن المحفوظة.
الكفن المشار إليه «كفن تورينو» قطعة قماش قديمة يؤمن بعض المسيحيين أنها استخدمت لتغطية جسد المسيح على الصليب.
تم إدخال صور القماش إلى Midjourney، والذى أنتج صورة للمسيح وهو يبتسم ويصلى كما قد يكون فعل ذات مرة قبل صلبه حوالى عام 33 بعد ميلاده عليه السلام.
المسيح فى الصورة يبدو أبيض البشرة، عادة ما يتم تصوير السيد المسيح (عليه السلام) على نطاق واسع على أنه «قوقازى»، ووفق الشائع كان عليه السلام بشرته بيضاء وعيونه بنية.
الصورة بالذكاء الاصطناعى تجاوزت عبقرية العقاد فى الوصف التشريحى، علما هناك اعتقاد سائد بين علماء المصريات أن صورة السيد المسيح (عليه السلام) أقرب ما تكون إلى صور المومياوات المصرية فى اللوحات الجدارية التى تصور رجالا ماتوا بين عامى 80 و120 ميلادية.
اللوحات المصرية تصور رجالا ذوى عيون داكنة، وبشرة بنية، وشعر قصير مجعد، ولحى وملامح وجه كانت من السمات المميزة للأشخاص الذين عاشوا فى مصر وفلسطين.
على سبيل المقارنة، تحتاج إلى العودة إلى وصف السيد المسيح عليه السلام فى كتاب العقاد «حياة المسيح.. فى التاريخ وكشوف العصر الحديث».
الصورة الوصفية للسيد المسيح عليه السلام فى الكتاب، تلك التى تداولها المسيحيون فى القرن الرابع الميلادى، وزعم رواتها أنها كتبت بقلم «بيليوس لنتيولس» صديق «بيلاطس» حاكم الجليل من قبل الدولة الرومانية، كان قد رفعها إلى مجلس الشيوخ الرومانى فى عصر الميلاد.
وجاء فى وصف «بيليوس لنتيولس» أنه فى هذا الزمن ظهر رجل له قوى خارقة يسمى يسوع، وكان للرجل سمت نبيل وقوام بين الاعتدال، يفيض وجهه بالحنان والهيبة معًا، فيحبه من يراه ويخشاه.
وفى الوصف «شعره كلون الخمر منسرح غير مصقول، لكنه فى جانب الأذن أجعد لماع، وجبينه صلت ناعم، وليس فى وجهه شية، غير أنه مشرب بنضرة متوردة، وسيماه كلها صدق ورحمة، وليس فى فمه ولا أنفه ما يعاب، وعيناه زرقاوان تلمعان».
ومن الوصف، عليه السلام، وديع محبب، لم يره أحد يضحك، ورآه الكثيرون يبكى، وهو طويل له يدان جميلتان مستقيمتان، وكلامه متزن رصين لا يميل إلى الإطناب، وملاحته فى مرآه تفوق المعهود فى أكثر الرجال..
يصعب على الذكاء الاصطناعى هكذا وصف عبقرى من صاحب العبقريات رغم حنق البعض عليه وقت صدور كتابه.. يرحمه الله.