حمدي رزق يكتب: عندما تُربِّىِ «جنجويد» فى عِبّك!
مثل الذي يربى ثعبانًا في عِبّه سيُرْدِيه حتمًا، هكذا ربّت حكومة الفريق البرهان «جنجويد» في القصر الجمهورى، والإشارة هنا إلى قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتى»، آخر سلالة الجنجويد.
«جنجويد» مختصر شعبى لعدد من الكلمات في جملة (جن راكب جواد يحمل مدفع جيم 3)، وترمز للرجال الذين يقاتلون من فوق الخيل ويحملون الـج3 (البندقية الآلية المعروفة)، والكلمة تأتى من (جنجد)، وتعنى (النهب)، ومنها أتت تسميتهم بالـ«جنجويد».
أصل الكلمة مختلف عليه، فهناك مَن يرى أن أصل تسمية «الجنجويد» يعود إلى إحدى الشخصيات المعروفة في دارفور، وهو «حامد جنجويد»، الذي كان يقود عناصر مسلحة تجيد الكر والفر في التخوم الغربية من فوق الجياد.
برزت الجنجويد مع سيطرة نظام البشير على حكم السودان في عام 1989، كونها بتشكيلاتها شبه العسكرية تمثل خطرًا على الحكومة المركزية في الخرطوم، فحظرتها، وصدرت في حق حامد جنجويد أحكام بالإعدام.
وبعد اندلاع الحرب في دارفور، استخدمت الحكومة المركزية الجنجويد ضد الحركات المسلحة، وقبلها أسقطت عنهم التهم كافة، واستوعبتهم في قوات جديدة أطلقت عليها تسمية «حرس الحدود»، ومنذ ذلك الحين، توارت الجنجويد كتسمية في المشهد السودانى.
وفى رواية أخرى «الجنجويد» مجموعة القبائل الحدودية (العربية) التي استنفرتها الحكومة المركزية في الخرطوم، إبان اندلاع الحرب في دارفور للقتال إلى جانبها في مواجهة الحركات المسلحة. وهم في الأصل يمتهنون الرعى، وعُرفوا بثرواتهم من الإبل والأبقار.. وتاليًا الذهب.
وبرز اسم زعيم قبيلة «المحاميد»، «موسى هلال»، كقائد لـ«الجنجويد»، ولا سيما بعدما أسهم في فترة من الفترات في استنفار أهله للقتال ضد الحركات المسلحة في دارفور، جنبًا إلى جنب مع الحكومة المركزية، باعتباره الزعيم القبلى والسياسى لهم ويدينون له بالولاء.
بعد أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية، تم تشكيل المجلس العسكرى الانتقالى، وكان جميعهم من أفراد المؤسسة العسكرية إلا «حميدتى»، الذي لم يكن في يوم من الأيام من أفراد هذه المؤسسة، رغم أنه يحمل رتبة فريق أول بقرار من البشير نفسه.
وبات حميدتى حديث الشارع السودانى، سيما أنه بات نائبًا لرئيس المجلس العسكرى السودانى.
ويُعَدّ حميدتى من أبرز رجال ابن عمه موسى هلال، وكان ضمن «حرس الحدود»، الذي أسهم بشكل كبير في استقطاب القبائل العربية، لكنه عاد وتمرد على الحكومة عقب التوقيع على اتفاق أبوجا، مع مجموعة من الفصائل الدارفورية بقيادة حركة «تحرير السودان» (جناح منى أركو مناوى) في عام 2006. لكن الحكومة، في حينها، نجحت في إقناعه بالعودة إلى أحضانها، بعدما وافقت على طلباته، وأعطته تطمينات، ووعدت بترقيته، فتمت المصالحة ليصبح في النهاية زعيمًا لـ«قوات الدعم السريع»..
الطور الأخير من «الجنجويد» ملتحفة بقوات الدعم السريع، عليها خوض مواجهة قديمة متجددة مع رئيس حركة جيش تحرير السودان «القائد» منى أركو مناوى، الذي يعتزم تحريك قوة عسكرية مشتركة من دارفور للفصل بين الإخوة الأعداء في الخرطوم.