حمدي رزق يكتب: فيلم زهايمر!!
«زهايمر» تحريف شعبى لمرض «ألزهايمر»، تلخيصًا داء النسيان الذى يصيب كبار السن، الفيلم أعلاه كوميدى اجتماعى (إنتاج ٢٠١٠) بطولة النجم عادل إمام.
الفيلم يبدأ بمحاولة أبناء محمود شعيب «عادل إمام» إيهامه بأنه مريض بألزهايمر ليكسبوا قضيتهم فى المحكمة ويتصرفوا فى ممتلكاته، وذلك بسبب رفض والدهم مساعدتهم فى القضايا المالية التى عليهم، إلا أنه يكتشف مؤامرتهم، ويبدأ بخداعهم بأنه مريض فعلًا بألزهايمر، وإيقاعهم فى مقالب بأسلوب كوميدى بمساعدة العاملين لديه فى القصر.
الجزء الثانى من الفيلم بدأ عرضه إعلاميًّا وإلكترونيًّا، ويلقى تشييرًا كثيفًا، بمناسبة ما أذاعه الصديق «د. محمد الباز» عن إصابة «عادل إمام» بألزهايمر، صحيح الباز لم يحدد درجة الإصابة، ولكنه أصاب قلوبًا مُحِبّة بالحزن والألم، فقلقت على صحة الزعيم، أطال الله فى عمره، وبارك الله فى صحته.
هل أصاب «الباز» فى إعلان مثل هذا الخبر الذى نزل كالصاعقة فضرب «فيس» و«تويتر»، هل من حقه إعلان مثل هذا الخبر الذى يتعلق بصحة فنان، وحتى لو ملك اليقين بصحة الخبر، هل إعلانه وتوقيته وتداعيات نشره تتسم باللياقة التى تترجم بالإنسانية؟!.
كصحفيين عادة نحتاط لمثل هذه الأخبار لأنها تظل حبيسة داخل الأسرة حتى يعلنها طبيب ثقة بعد إذن الأسرة، وعادة لا يعلنها لأنها من أسرار المريض، والقَسَم الطبى يحرم عليه ويجرمه إذا باح بمثل هذه الأسرار.
الأخبار الصحية مِلْك لصاحبها ليس لغيره، وهناك من المرضى مَن يمتلك الشجاعة ليخرج على الناس بحقيقة مرضه، وتُروى قصص عظيمة فى سياق تحدى المرض، وطلب العون والدعم من المُحِبِّين.
سلو بلدنا، حتى بين العاديين، المرض من أدق الأسرار، ويُحاط بسرية، من أسرار الأسرة العليا، وإذا ما اضطرت الأسرة للبوح تحت وطأة السؤال، تميل إلى أن تخفف من الأعراض، شوية برد، كحة، يعنى وعكة وتزول!!.
إزاء ثقافة مجتمع يتحفظ على الخصوصيات، والمرض من أدق الخصوصيات، وهذا تفسير لفزع أسرة الزعيم، ومسارعة شقيقه «عصام» للنفى، فضلًا عن تصريحات تطوعية فاه بها نفر من المقربين، وجميعًا أجمعوا على أن صحة الزعيم «زى الفل» وتحدث إليهم، وناغشهم، وأغبطهم بقفشاته المرحة.
القضية التى تستحق توقفًا وتبيُّنًا، مَن له مثل هذا الحق فى الإعلان المرضى، وهل الكتمان الذى يسرى بين العاديين ينسحب بالضرورة على نجوم المجتمع من الساسة والمشاهير؟!.
مثلًا أصاب «ألزهايمر» الفنان العالمى «عمر الشريف» فى أخريات حياته، ولكنه ظل سرًّا كبيرًا حبيسًا متحفظًا عليه بين المقربين، حتى توفاه الله، فشاع الخبر، وتبارى الأصدقاء فى توصيف حالة «الشريف» تحت تأثير ألزهايمر، ما يوجع القلب، وشخصيًّا استنكفته إنسانيًّا منهم.
هل نحن كصحفيين على صواب، ومُحِقُّون فى إذاعة هذا الخبر، مهنيًّا على الأقل، هذا خبر كصيد ثمين، صحفيًّا يصعب إثباته، وإنسانيًّا أخشى من تداعياته على الأسرة والمُحِبّين، جد قاسية، سيما أن الزعيم يقاسى الأمَرَّيْن من شائعات موته التى تُنشر بمعدل مرة كل شهر، وكأنهم يتعجلون رحيله، والأعمار بيد الله.
بقى أن نذكر أن داء «ألزهايمر» هو اضطراب عصبى متفاقم يؤدى إلى تقلص الدماغ (ضموره) وموت خلاياه، و«ألزهايمر» هو السبب الأكثر شيوعًا للخَرَف؛ فهو حالة تتضمن انخفاضًا مستمرًّا فى القدرة على التفكير وفى المهارات السلوكية والاجتماعية، ما يؤثر سلبًا فى قدرة الشخص على العمل بشكل مستقل.. (مايو كلينيك).