حمدي رزق يكتب: لن ينجيكم أن تضعوا أقنعة القرَدَة
رعب أكبر من هذا سوف يجىء/ لن ينجيكم أن تعتصموا منه بأعالى جبل الصمت أو ببطون الغابات.
لن ينجيكم أن تختبئوا فى حجراتكم/ أو تحت وسائدكم، أو فى بالوعات الحمّامات.
لن ينجيكم أن تلتصقوا بالجدران، إلى أن يصبح كل منكم ظلاً مشبوحًا عانق ظلاً.. لن ينجيكم أن ترتدوا أطفالاً.
لن ينجيكم أن تقصر هاماتكمو حتى تلتصقوا بالأرض/ أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو فى سَمّ الإبرة.
لن ينجيكم أن تضعوا أقنعة القرَدَة/ لن ينجيكم أن تندمجوا أو تندغموا حتى تتكون من أجسادكم المرتعدة/ كومةُ قاذورات/ فانفجروا أو موتوا..
هذا ما جادت به قريحة طيب الذكر صلاح عبدالصبور من ثلث قرن فى «ليلى والمجنون»،
داهمتنى هذه الأبيات القاسية وبريطانيا تعيد الحظر قاسيًا من اليوم (الأربعاء)،
وفرنسا تُقعد ناسها فى قعور البيوت، وتفرض ألمانيا إغلاقًا «ناعمًا».. أقل قيودًا، القارة العجوز يكتنفها الرعب، رعب أكبر من هذا سوف يجىء!
ما أشبه الليلة بالبارحة، الوباء الأسود، «كوفيد- 19»، يحيلك إلى حكى «الطاعون الأسود» الذى أودى بحياة سكان أوروبا خلال العصور الوسطى،
الرواة الدنماركيون هم أول من استخدم مصطلح «الموت الأسود»، بمعنى «الموت الفظيع»
فى إشارة إلى طاعون ١٣٤٧- ١٣٥٣ ميلادية، كلمة «أسود» تُستخدم هنا كتعبير مجازى لا يعبر عن مكنون الصورة السوداء!
لن ينجيكم أن تضعوا أقنعة القرَدَة، موجة ثانية أشد شراسة، ما لهذا الفيروس يتوحش هكذا.
البشرية تعيش أسود كوابيسها رعبًا، القارة العجوز تتأهب توقيًا لحظر الشتاء دون مضاد أو لقاح أو عقار.. لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (النجم/ ٥٨).
الوباء يضرب من جديد، أوروبا تدخل بياتًا شتويًا قارسًا، ورئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولى يخشى ويتحسب ويحذر، ولولا الخجل السياسى لأعلنت منظمة الصحة العالمية الأرض كوكبًا منكوبًا بالوباء.
المنظمة العجوز لا تكذب علينا ولا تتجمل، صدمتنا بتقرير أسود، الأسبوع الماضى شهد أكبر عدد من حالات الإصابة بـ«كوفيد- 19» المبلغ عنها عالميًا منذ بداية الجائحة، أكثر من مليونى إصابة جديدة فى الأيام السبعة الماضية.
رعب أكبر من هذا سوف يجىء، حتى ٢٥ أكتوبر تم تسجيل أكثر من ٤٢ مليون حالة إصابة،و1.1 مليون حالة وفاة، الموجة الأولى تسلمنا لموجة أفظع وأشد تنكيلاً.
لن ينجيكم أن تعتصموا من الوباء بأعالى جبل الصمت أو ببطون الغابات، مدير منظمة الصحة العالمية، «تيدروس أدهانوم جبريسوس» يدعو إلى مواصلة المعركة،
«لا يمكننا أن نستسلم وعلينا ألا نستسلم»، ويغرّد مصابًا بالوباء: «أنا بخير ولم تظهر علىّ أعراض،
لكننى سأعزل نفسى فى الأيام المقبلة وفقًا لبروتوكولات منظمة الصحة العالمية، وسأعمل من المنزل»!!.