مقالات

حمدي رزق يكتب: 100 مليون شجرة

حمدي رزق يكتب: 100 مليون شجرة

حمدي رزق يكتب: 100 مليون شجرة
حمدي رزق

قول المتنبى «وبضدها تتبين الأشياء» حاضر فى النفرة الإلكترونية الحميدة (على وسائل التواصل الاجتماعى) ضد موجة قطع الأشجار، صحيح ليس لدينا حصر دقيق بأعداد الأشجار التى ذُبحت فروعها واجتُثّت جذورها، ولكن الحملة أحرزت نجاحًا، أقله كف الأيادى السوداء عن الشجر الأخضر.

بضدها تتبين الأشياء، بيان وزارة الزراعة تعقيبًا على الحملة، (التى استُخدمت استخدامًا سياسيًّا مفرطًا من قِبَل بعض الجماعات المتربصة)، كان طيبًا، ورقميًّا، وهذا من قبيل الرد الإيجابى، لم تكتفِ بنفى مذبحة الأشجار، بل بشرتنا بما هو حادث ويحدث.

غاب عن الحملة المستعرة ما يسمى (المبادرة الرئاسية) لزراعة ١٠٠ مليون شجرة، والتى تأتى فى إطار جهود الدولة المصرية للتصدى والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وأيضًا لزيادة الإنتاج المحلى من الأخشاب وتقليل فاتورة الاستيراد.

تبلغ تكلفة مبادرة «١٠٠ مليون شجرة» ٣ مليارات جنيه، وتستهدف نحو ٩٩٠٠ موقع بالمحافظات على مساحات تصل إلى ٦٦٠٠ فدان، لتكون غابات شجرية أو حدائق تعتمد على مياه الصرف المُعالج. وتتولى وزارة التنمية المحلية زراعة ٨٠ مليون شجرة على مدار ٧ سنوات من ٢٠٢٢- ٢٠٢٩، وتستكمل وزارتا البيئة والإسكان زراعة ٢٠ مليون شجرة.

ومن أرقام المبادرة الخضراء، تمت خلال المرحلة الأولى من المبادرة زراعة نحو ١.٣ مليون شجرة متضمنة ١٧ صنفًا ونوعًا من الأشجار الخشبية والمثمرة فى ٧ محافظات. وبالمرحلة الثانية للمبادرة حاليًا يتم توريد ٩٩٥ ألف شجرة بـ١٨ صنفًا ونوعًا لعدد ٦ محافظات، بخلاف ٨٠٠ ألف شجرة، تمت زراعتها بالغابات الشجرية التابعة لوزارة الزراعة والمناطق المحيطة بها.

وهل من مزيد، ورقم ١٠٠ مليون شجرة ليس مستحيلًا، وتشجير شوارع المحروسة ليس رفاهية، ولكن ضرورة حياة فى ظل تحول مناخى مخيف يُصلينا نارًا.

المهم، ونحن نطلب المزيد، مستوجب وقف مذبحة الأشجار التى تُحركها أيادٍ آثمة فى المحليات، وتوقيف فرق التهذيب والتقليم عند حدها لأن أيديها تطول كثيرًا، وتحت زعم شيخوخة بعض الأشجار ومرض بعضها ما يهدد السلامة العامة فى الطرقات (خشية سقوطها)، مطلوب رقابة فعالة لأعمال هذه الفرق المطلوقة فى الشوارع دون حسيب ولا رقيب.

وسبق أن كتبت فى هذه المساحة عن تجربة شخصية تحت عنوان «اذبحوا شجرة» (يوم الأربعاء ٨ مارس ٢٠٢٣)، وسجلت فصلًا من فصول المذبحة الشجرية، ولفتتنى بشدة حالة كراهية للخضرة تعتمل فى بعض نفوس متصحرة، فتُعمل فُؤُوسها الحادة فى أعناق الأشجار وارفة الظلال، تُحيلها إلى أعجاز خاوية.

«قاطع شجر» مثل قاطع طريق، يمتطى بعنفوان الشجرة من عنقها، ويقطع فروعها الخضراء من أعلى جذعها الذى يصرخ مذبوحًا من الألم، فتسقط الفروع الخضراء كالجثة الهامدة على الرصيف، انتظارًا لعربة نقل الجثث الخضراء.

 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى